كيف تنسى وفي كل يوم حكاية تحكي صبرا وشاتيلا جديدة، وتهدي لأطفال فلسطين أوجاعاً وآلاماً عديدة، كيف تنسى وهي لم تكن الأخيرة بل في كل لحظة روايات وقصص مريرة.
تمر علينا هذه الأيام ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، صنيعة العدو الصهيوني بحق الشعوب العربية والشعب الفلسطيني بشكل خاص التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في السادس عشر من أيلول عام 1982 في بيروت والتي تعتبر واحدة من الشواهد الكثيرة التي لا تزال ماثلة في أذهان العرب اللبنانيين عامة والفلسطينيين خاصة ؛ والدالة على إجرام الكيان الصهيوني بحق العرب والفلسطينيين على مدى أكثر من ستة عقود.
ووقعت المجزرة خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان الذي بدأ في حزيران عام 1982 حيث قامت قوات الاحتلال بزعامة الإرهابيين ارييل شارون وزير الحرب الاسرائيلي انذاك ورفائيل ايتان رئيس الأركان بتطويق مخيمي صبرا وشاتيلا غرب بيروت ثم دخلت إلى المخيمين بمساعدة قوات الكتائب اللبنانية ونفذت جريمتها بدم بارد وبعيدا عن الاعلام حيث قتل نحو ثلاثة آلاف شخص بينهم مئات النساء والأطفال وفق الأرقام الذي ذكرها الصليب الأحمر أغلبهم من اللاجئين الفلسطينيين على مدى 3 أيام في جريمة هزت العالم.
وفي أعقاب وقوع المجزرة تشكلت لجنة تحقيق دولية شكلها رجال قانون بارزون من أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وايرلندا برئاسة المحامي والسياسي الايرلندي البارز شون ماك برايد الحائز جائزة نوبل للسلام عام 1974 وبمجرد حدوث مجزرة صبرا وشاتيلا قررت اللجنة اعتبار هذه المذابح جزءا من تحقيقها ولذلك خصصت فصلاً كاملاً لهذه القضية في تقريرها النهائي الصادر عام 1983،واستخلصت اللجنة بناء على الحقائق المقدمة إليها أثناء التحقيقات التي أجرتها والشهود الذين استمعت إليهم أثناء الجولات التي قامت بها أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ساهم في التخطيط والتحضير للمجزرة وقام بدور فاعل في تسهيل عمليات القتل من الناحية الفعلية وأوضحت اللجنة أن السلطات أو القوات الإسرائيلية ساهمت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في المذابح وعمليات القتل في مخيمات اللاجئين بصبرا وشاتيلا. واعتبرت اللجنة مذابح صبرا وشاتيلا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأن مرتكبيها أو المساهمين فيها بأي طريقة من الطرق يتحملون مسؤوليتها فرديا ومن واجب الدول معاقبة الأفراد أو المنظمات المتهمة بهذه الجرائم كما أن أغلبية أعضاء لجنة التحقيق الدولية ذهبوا في تحديدهم لمذابح صبرا وشاتيلا إلى اعتبارها جرائم إبادة تعتمد على ممارسات تهدف إلى تدمير الثقافة الوطنية والاستقلالية السياسية والإرادة الوطنية التي تدخل في إطار الكفاح الفلسطيني من أجل التحرر الوطني وحق تقرير المصير وتؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني.
ورغم فظاعة أعمال القتل والإجرام التي جرت في صبرا وشاتيلا إلا أن المجتمع الدولي طوى صفحة هذه المذابح ونسي ضحاياها ولم يلاحق أو يعاقب مرتكبيها رغم مرور 31 عاما عليها.
وتضاف هذه المجزرة المروعة إلى سجل الكيان الصهيوني المليء بالمجازر بحق العرب والفلسطينيين على مدى القرن الماضي حيث يؤكد العديد من المؤرخين أن عصابات الاحتلال ارتكبت مئات المجازر بحق الفلسطينيين والعرب منها مجازر حيفا والقدس عام 1937 وعام 1938 ومذبحة بلدة الشيخ عام 1947 ومذبحة دير ياسين في نيسان 1948.
كما ارتكبت قوات الاحتلال العديد من المجازر الأخرى بعد قيام كيان الاحتلال منها مذبحة قرية أبو شوشة في ايار عام 1948 وفي العام ذاته وقعت مجازر مدينة اللد والطنطورة كما وقعت مجزرة قبية في تشرين الأول1953 ومجزرة قلقيلية في عام 1956 ومجزرة كفر قاسم وخان يونس في العام ذاته ومجزرة القدس في عام 1967 ومجزرة الكرامة عام 1968 ومجزرة مخيمات لبنان في أيار عام 1974 ومذبحة المسجد الأقصى في تشرين الأول 1990 ومجزرة الحرم الإبراهيمي في شباط 1994 ومجزرة قانا في جنوب لبنان عام 1996 ومجزرة مخيم جنين في نيسان 2002 ومجزرة رفح في أيار 2004 ومجزرة غزة في كانون الأول 2008 وراح ضحية تلك المجازر عشرات آلاف الشهداء الفلسطينيين والعرب.
ورغم تلك المجازر الوحشية وأعمال القتل والتعذيب والتنكيل والتشريد والممارسات القمعية التي طبعت تاريخ الاحتلال العنصري على مدى اكثر من ستين عاما إلا ان الفلسطينيين لا يزالون يؤكدون انهم عازمون على تحرير أرض فلسطين وترابها من دنس الاحتلال وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف والعودة إلى ديارهم.