في محاولة لإعادة أمجادهم الاستعمارية في المنطقة بعد أعوام مضت، ولكن دور إيران في منع وقوع أي عدوان والتخفيف من الأوضاع المعقدة التي تمر بها المنطقة والمساعي السياسية التي تبذلها لمعالجة هذه الأزمة سلمياً يؤكد على دورها كقوة مهمة في المنطقة.
حيث أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني مجدداً أن إيران تسعى بكل قدراتها لمنع وقوع العدوان على سورية وقال: إن إيران ودول وشعوب المنطقة لن تقف موقف المتفرج واللامبالي من الأزمة في سورية معتبراً أنها "قضية مصيرية".
وأضاف روحاني في كلمة ألقاها خلال المنتدى العام العشرين لقادة ومسؤولي الحرس الثوري المنعقد في طهران: إن "إيران دخلت بكل قوتها إلى الساحة للحيلولة دون وقوع الحرب في المنطقة" مؤكداً أن سورية مهمة بالنسبة لإيران التي تعمل بمسؤولية لافتاً إلى أن شعوب المنطقة ستنتصر على مؤامرات الآخرين.
وتابع: إن الغرب يخطئ حينما يتصور أن إيران تسعى إلى فرض الهيمنة العسكرية على المنطقة لأن إيران لا تسعى إلى ذلك وقال "إذا كانت إيران اليوم قوة مهمة في المنطقة فهذا يعود إلى قوة الخطاب الذي تمتلكه".
كما أشار الرئيس روحاني إلى أن الأزمة في سورية مهمة بالنسبة للمنطقة وربما تكون تداعياتها عالمية أيضاً وقال "إن سورية الآن في موضع حساس وأن القضية ليست حول شخص بل أبعد من ذلك ومن الواضح للجميع أن الغرب خطط للمنطقة كلها ولا يفضل أن يبقى على وضعه الراهن.. حيث يسعى البريطانيون والفرنسيون للعودة إلى المنطقة بعد أعوام طويلة".
ولفت إلى أن دراسة أوضاع ليبيا ومصر ولبنان وفلسطين والعراق وسورية تشير إلى أن الغرب وضعها في إطار سلسلة واحدة ويسعى لتعزيز مكانة "إسرائيل" وإضعاف جبهة المقاومة فالأزمة في سورية هي قضية منطقة كبرى وليست دولة واحدة ومن المحتمل أن تغير مصير العالم في ظروف ما.
وشدد روحاني على أن "صوت الشعب يجب أن يكون هو السائد في سورية والعراق وجميع الدول الأخرى وحتى في فلسطين" مشيراً إلى ما أكده المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي من ضرورة عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
وحول مسألة الأسلحة الكيماوية وأسلحة الدمار الشامل في المنطقة قال روحاني "إن موقف إيران واضح دوماً وهو أنها تعارض أسلحة الدمار الشامل" مشدداً على أن إيران هي ضحية الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل والأسلحة الكيماوية وهي ترفض وتدين استخدام هذا السلاح أينما كان ومن قبل أي طرف كان.
وأضاف: نحن في الأساس نرفض المجازر في سورية التي يجب أن يعود الاستقرار إليها.
وتابع "إن الأميركيين والأوروبيين ومثلما كانوا يدقون طبول الحرب فقد لمسوا أي تداعيات بغيضة ستكون للحرب في هذه المنطقة وهم لم يصلوا إلى أهدافهم في حروبهم السابقة لذا قالوا إن هذه الحرب ستكون محدودة وحتى أنهم طلبوا من دول أخرى تغطية نفقاتها وكل هذه الأمور تكشف عن مكامن نقاط الضعف لدى العدو".
من جهة أخرى أكد الرئيس الإيراني أن الحرس الثوري الإيراني ليس حرس الحرب في المنطقة بل حرس السلام والأمن والاستقرار والهدوء وقال "إن خطابنا هو خطاب السيادة الشعبية والاستقرار والوحدة والأخوة ومكافحة الإرهاب في المنطقة كلها ومن الأفضل أن يغادر الضيوف غير المدعوين إلى المنطقة ويقلعوا عن العدوان وترويج إثارة الخوف من إيران.
وأوضح روحاني أن قوات حرس الثورة الإيرانية ترابط في الخط الأمامي للدفاع عن الثورة وهي تتواجد في الساحات الصعبة للحفاظ عليها ولاسيما في مواجهة المؤامرات التي حاكها الغرب ضدها والتصدي للاغتيالات العشوائية والاضطرابات التي شهدتها بعض مناطق إيران.
ورأى روحاني أن الحرس الثوري الإيراني يتميز عن جميع الجيوش التقليدية في العالم وأن السبب في هلع الأعداء منه ليس لامتلاكه الصواريخ والقنابل والغواصات والمعدات العسكرية بل يعود إلى إخلاصه والقيم المعنوية التي يحملها.
من ناحية ثانية أشار الرئيس روحاني إلى أن العدو استهدف معيشة المواطنين في إيران وقال "إن جميع خطط الحظر غير العادلة وغير القانونية التي جاءت بذرائع واهية تأتي في هذا السياق لأنهم يعلمون جيداً بأن إيران لا تسعى وراء السلاح النووي وعندما يعلن قائد الثورة الإيرانية حرمة هذا السلاح صراحة فإن إيران لن تسعى وراءه أبداً".
واعتبر روحاني حظر بيع النفط والأنشطة المصرفية يعني الضغط على معيشة وحياة المواطنين وأضاف "إنه علينا كسر هذه المخططات لأن الضغط الاقتصادي المعادي يتبعه ضغط سياسي يجعل الناس يشعرون باليأس من الثورة إلا أن شعبنا أدرك الأمور جيداً وقدم رداً مناسباً للأعداء في الانتخابات الرئاسية التي كانت أفضل العمليات الانتخابية التي لم تشهد أي اعتراض أو تظاهرات ووجهت الضربة الأولى نحو الأعداء".
وأكد الرئيس روحاني ضرورة معرفة التهديد جيداً والعمل على وضع استراتيجية صحيحة لمواجهته ومن ثم الخروج بحصيلة عن نهاية العمل والهدف النهائي في ضوء الإمكانيات المتاحة" حيث شهدنا خطأ الأميركيين في حساباتهم في العراق وأفغانستان والأمر كذلك بالنسبة لهم في سورية الآن".
ظريف يجدد موقف بلاده المبدئي المتمثل بإيجاد حل سياسي
من جهته جدد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف موقف بلاده المبدئي والمتمثل بحل الأزمة في سورية بالسبل السياسية ورفضها لاستخدام السلاح الكيمياوي من قبل أي كان أو في أي مكان معرباً عن ارتياحه لمساهمة الجهود الدبلوماسية في تجاوز هذه المرحلة الحساسة.
وأعرب ظريف لدى استقباله مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس عن أمله في أن تلعب الأمم المتحدة دوراً فاعلاً وبناء لمتابعة هذه الجهود السياسية في حل الأزمة وإزالة تأثيراتها السلبية على حياة شعوب المنطقة.
وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى الأوضاع المعقدة التي تمر بها المنطقة والأزمة التي تعيشها سورية والمساعي السياسية التي تبذلها إيران لمعالجة هذه الأزمة سلمياً والمساعدات الإنسانية التي تقدمها للشعب السوري.
وفي موضوع آخر أكد ظريف أن إيران ولما تتمتع به من خبرات في مجال مواجهة الكوارث الطبيعية جاهزة لوضع خبراتها في الداخل والخارج تحت تصرف مكتب الأمم المتحدة في طهران لافتاً إلى التعاون الذي أبدته بلاده في مجال حقوق الإنسان والمساعدات التي تقدمها للمهجرين واللاجئين في أفغانستان والعراق.
بدورها أعربت آموس عن قلقها لاستمرار الأزمة في سورية وأثرها على تزايد عدد المهجرين وأملها بإيجاد حل للأزمة من خلال المساعي التي تبذلها الدول الفاعلة ومنها ايران وبالتالي توفر أرضية لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة.
وأكدت آموس على دور إيران المهم والفاعل في التطورات الإقليمية ولاسيما ما قامت به في مجال تعزيز النشاطات الإنسانية لتقليل معاناة شعوب المنطقة ومنها الشعب السوري وذلك من خلال تسهيل تقديم المساعدات له.
ودعت آموس إلى ترسيخ التعاون بين مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الإيرانية الناشطة في مجال الإغاثة ووضع خبراتها في هذا المجال تحت تصرف دول المنطقة.
جعفري: فشل مخطط العمل العسكري هزيمة جديدة للأعداء
بدوره أكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري أن فشل مخطط القيام بعمل عسكري ضد سورية يمثل هزيمة جديدة يمنى بها الأعداء.
وقال جعفري في كلمة أمام المجمع السنوي لقادة الحرس الثوري بحضور الرئيس حسن روحاني ورئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء حسن فيروزابادي إن "آخر محطة لهزائم الأعداء والاستكبار كانت في مواجهة المقاومة بسورية حيث خططوا للتدخل العسكري إلا أنهم أصيبوا بالفشل ولحق بمخططهم الخسران فيما كان العدو يصرح انه اذا لم يستطع النيل من سورية فلن يستطيع النيل من إيران أيضاً".
واعتبر جعفري أن "الثورة الإسلامية في إيران تشغل مكانة جيدة للغاية على الصعيد الخارجي حيث يشهد الجميع استمرار سلسلة الهزائم المتتالية التي تكبدتها قوى الاستكبار في مواجهة جبهة المقاومة التي تواصل مسيرتها الظافرة في فلسطين المحتلة والعراق ولبنان".
وأوضح جعفري أن "البعد الخارجي الآخر للثورة الاسلامية تمثل في توجيه مرشد الثورة بناء حضارة إسلامية حيث أن الثورة الإسلامية لا تقف خططها عند حد تأمين الغذاء وبناء المساكن للإيرانيين بل تمتد برامجها إلى جميع المسلمين في العالم".
وأضاف إن "الحرس الثوري يتصف ببعد خارجي هو بناء قوة رادعة وإقامة توازن للرعب والخطر حيث تبلور ذلك اعتمادا على الطاقات والقدرات الدفاعية الكبيرة التي تتمتع بها البلاد".
كما أشار جعفري إلى أن الولايات المتحدة أعدت مخططات واسعة في المنطقة بعد هجمات 11 ايلول تقوم على تصعيد التهديدات العسكرية ضد إيران والحد من تأثيرات الثورة الإسلامية.
وقال "اليوم يشهد الجميع أن الأميركيين عسكروا بكل ما لديهم من إمكانيات قرب حدود إيران وبحسب تصريحاتهم أنهم فرضوا الحصار عليها لكنهم عجزوا عن إطلاق التهديدات العسكرية ولو بالأقوال فقط وهذا هو ما يعبر عنه بتوازن الرعب والخطر والذي يدخل في نطاق الاستراتيجيات الاساسية للحرس الثوري وقد تم اكتساب هذه القوة على كافة الصعد الدفاعية والأمنية ومختلف الجوانب الاجتماعية".
وفي هذا الشأن أيضاً أشار جعفري إلى ما قاله مسؤول بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية حول "أن الحرس الثوري استطاع الرقي بمستوى المواجهة الاستراتيجية أمام أعدائه كأميركا وإسرائيل خلال الأعوام الأخيرة في مجالات تدخل ضمن نطاق التهديدات الجادة ضد أميركا".
ولفت القائد العام للحرس الثوري الإيراني إلى أن الأعداء منهمكون في حياكة المخططات والمؤامرات ضد إيران على كافة الصعد ويدخلون هذه المخططات حيز التنفيذ في جميع المجالات مثل أعمال الشغب عام 2009 وشن الهجمات الثقافية والحرب والمعلوماتية إلا أن صمود المقاومة وثباتها كان مشهوداً حتى في ذروة هذه التهديدات.