و تحاول العائلة التستر على الحالة ما أمكن خوفاً من نظرة اجتماعية دونية متوارثة تنكر الإعاقة و تغلفها بالشفقة و العجز ، فلماذا يكون بعض الأهل و أفراد من المجتمع المحيط عن غير قصد سبباً في زيادة صعوبات الإعاقة عوضاً عن الرعاية ؟ و كيف يمكن بناء شراكة بين الأسرة والمجتمع لتحقيق التواصل الايجابي لمصلحة الطفل المعوق ؟
تفعيل دور الأسرة
عن هذا الموضوع توضح الدكتورة رجاء عواد - مدرسة بجامعة دمشق تربية خاصة ، بالقول : إن الأسرة تنظيم بالغ التفرد والخصوصية ، لأنه التنظيم الذي ينضم إليه الفرد منذ بداية حياته، لذلك فإن تأثيره على الفرد لا يعادله تأثير أي تنظيم آخر في حياته ، و لعل القول إن الطفل يؤثر على أسرته ، لا يقل صحة عن القول إن الأسرة تؤثر على طفلها ، و يتضح أثر الطفل على أسرته عندما يكون معوقاً ، حيث يكافح الوالدان لا من أجل فهم إعاقة طفلهما فحسب ، وإنما لأجل استجاباتهم لتلك الإعاقة ، فالعلاقة بين الآباء و الأبناء هي علاقة تبادلية ، بمعنى أنها تسير باتجاهين و ليس باتجاه واحد، فالآباء يؤثرون بالأبناء و يتأثرون بهم ، و وجود طفل معوق في الأسرة قد يؤدي أحياناً إلى اضطراب أدوار أفراد العائلة وارتباك العلاقات الأسرية ، ما يسهم بالصراع و عدم التماسك، ما ينعكس على الأبناء و على نموهم و صحتهم النفسية . إذا لا بد من بناء شراكة حقيقية ما بين الأسرة والمجتمع ، فهذه الشراكة كان يشوبها نوع من القصور بسبب عدم اهتمام الاختصاصيين، و تخوف الأهل من المشاركة و ضعف الجهود المبذولة لمشاركة هذه الأسرة ، و أيضا الاتجاهات السلبية من الاختصاصيين نحو الأسرة ، فالمتأمل في برامج رعاية وتعليم المعوقين ، يدرك أن جودة برامج التربية الخاصة مرتبط بجودة ودور الأسرة في برنامج طفلها المعوق ، و خاصة في ضوء سعي الجمهورية العربية السورية إلى تفعيل دور الأسرة في رعاية المعوقين .
تواصل بإيجابية
و لبناء مشاركة فعالة بين الأسر و الاختصاصيين برأي د .عواد .. لا بد من أن يتصف الطرفان بالتواصل بايجابية و الوضوح والانفتاح، كما ينبغي أن يتصفا بالالتزام و المرونة و النظر إلى الطفل على أنه أكثر من حالة ، و النظر إلى العمل على أنه أكثر من وظيفة، وأيضاً لا بد من توفر المهارات و المساواة في اتخاذ القرارات ، و الثقة و الشعور بالتأكيد على المصداقية ، و إظهار الاحترام للطرفين ، حيث أن تفعيل هذه المشاركة في مجال التربية الخاصة ينبئ بجودة حياة المعوق ..
تضافر جهود
أما عن كيفية تفعيل دور الأسرة في رعاية الأبناء المعوقين ؟ فتشير د . عواد أنه يمكن ذلك من خلال دعم المشاركة التعاونية بين الأسرة و الاختصاصيين و هذا يتطلب من الاختصاصيين الثقة بالأسرة و بقدراتها ، و قدرتها على اتخاذ القرار الذي يتعلق بطفلها ، و زيادة فاعلية توصيل الخدمة و توعية الأسر حتى يصبحوا قادرين على القيام بعدة أمور ، دورهم كآباء وأمهات و دورهم كمدربين لأطفالهم و دورهم كموجهين لأسر لم تحصل على خدمات الإرشاد و دورهم كمطالبين بحقوق أبنائهم ، و توعية الاختصاصيين حتى يستطيعوا القيام بعدة أدوار ، دوره كمقدم خدمة مرشد للتحرك بالطريق الصحيح، ودوره كخبير يزود أهل الطفل المعوق بالمعلومات العلمية الدقيقة عن إعاقة طفلهم ، و دوره كوسيط مفيد لأسرة المعوق و دوره كمدافع عن حقوق الوالدين ، حيث إن رعاية المعوق و تأهيله و تدريبه مسألة ذات أبعاد انسانية ، تستلزم تضافر جهود المؤسسات كافة و الهيئات الحكومية و الأهلية ، لتؤكد قيمة و مكانة الفرد دون النظر لمستوى قدراته و امكانياته .
فلنكن كأسرة و أفراد مجتمع عوناً للمعوق للتغلب على تحديات وصعوبات من صنع أفكار سلبية و تصورات مسبقة عن عجز وقصور، و بالخروج من الأفكار النمطية نستطيع أن نرسم لوحة لحياة سعيدة و لو كانت برفقة إعاقة .