تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هزلية الضربات الجوية والتخبط بين محاربة الإرهاب ودعمه

دراسات
الاثنين 29-9-2014
منير الموسى

مازالت الولايات المتحدة ترتع في المربع الأول للأزمة في سورية وترفض الاعتراف بالواقع الشرعي السوري والاعتراف بالآخر وهذا الرفض اجترته مستشارة الرئيس الأميركي للأمن القومي سوزان رايس بالتزامن مع العودة إلى النغمة النشاز في تسليح ودعم ما يسمى بالمعارضة الخارجية

التي تضم عملاء الاستخبارات الغربية والموساد، وتدريب أعداد جديدة من المرتزقة والإرهابيين في التفاف من واشنطن وحلفائها على الحقائق التي بات كل العالم يؤمن بها من جهة صدقية سورية في كل ما قالته على مدى سنوات الأزمة حول وجود إرهاب دولي تكفيري وإرهابيين أجانب يقتلون الشعب السوري لمصلحة رعاة الإرهاب الغربيين الذين لا يعرفون كيف يخرجون من ورطتهم بسبب صمود وبسالة الشعب والجيش في سورية ولا الخروج من المفارقة الكبيرة بين ما يدعونه من محاربة للإرهاب وبين دعمهم له بكل أنواع السلاح ودعم الأنظمة الفاشية في الخليج وتركيا، التي ترعى الإرهاب.‏

واشنطن وحلفاؤها يطبقون القرارين الدوليين 2170 و2178 الداعيين إلى تجفيف منابع الإرهاب ومنع تدفق الإرهابيين عبر الحدود إلى سورية بازدواجية فاضحة في المعايير وعودتهم إلى مربع الأزمة الأول أشبه بمن حاك نسيجاً ثم فككه ليعود إلى نسجه بنقوش مختلفة ولكن بالنيات المبيتة ذاتها وهذا دليل على فقدان التوازن والتخبط ولا سيما أن الدول الراعية لجبهة النصرة وداعش وأخواتهما الإرهابية لم تخفِ نفسها يوماً ولكن الفشل في تحقيق أهداف الحملة العدوانية على المنطقة جعلها تغير في لون جلدها مثل الحرباء لتخرج أصوات غربية زاعمةً أن الدول التي كانت تدعم داعش في الخليج توقفت عن دعمها، إضافة إلى زعم قطر والسعودية والإمارات بأنها ساهمت في الضربات الجوية ضد داعش، وكل ذلك كي تبقى خارج إطار المحاسبة الدولية على الأقل الآن لأن مهمة حكامها لم تنته في نظر الساسة الأميركيين وخاصة أنظمة الخليج وتركيا التي قال عنها جون كيري بأنها ستحارب داعش التي ربتها في عقر دارها، أما إسرائيل الراعي الأول لداعش والنصرة وغيرهما فهي أصلاً خارج المحاسبة الدولية بسبب نظام الأمم المتحدة القائم على الكيل بمكاييل مختلفة، وهي تحلم بإقامة حظر جوي في منطقة الجولان لحماية الجماعات الإرهابية الإخوانية التي تشغلها هناك ولكن خسئت ومحور المقاومة بالمرصاد وسيتصدى لها في ظل تغيير قواعد الاشتباك، ولذلك قامت العربيدة الإسرائيلية بإسقاط طائرة سورية كانت تدك مواقع الإرهابيين، وهذا الأمر يتناغم مع طرح الحكومة التركية بإقامة منطقة عازلة في شمال سورية لحماية داعش التي لن تحاربها تركيا بل تنسق معها وهي الدولة العضو في حلف الأطلسي والتي تحتل أرضاً سورية أيضاً، وهذا دليل على الولايات المتحدة ليست جادة بضرب داعش لأن الحقائق والتسريبات حول الضربات الجوية في سورية أفادت أن 300 غارة لم تسفر إلا عن مقتل 140 داعشياً، ولو لم تكن هذه الضربات هزلية لسقط من داعش الآلاف.‏

فمحاربة الإرهاب لن تجدي حسب الطريقة التي تفكر بها واشنطن وإذا أراد العالم أن ينهي هذه الظاهرة فعليه تجفيف منابع الإرهاب ولا تكفي ضربات وهمية، والرئيس الأميركي أوباما الذي سيترأس مجلس الأمن وسيشارك في اجتماعات الجمعية العامة وسيلقي كلمة، يجب أن يكون أكثر وضوحاً إذا لا يكفي فن الخطابة كآلية لمكافحة الإرهاب وردع داعميه ومحاسبتهم فهم أصل الإرهاب، ولا سيما تركيا ودول الخليج ، وأي كلام عن إرسال قوات برية من حلف واشنطن وأي تدخل في العراق أو سورية سيضعهم في مستنقع أشبه بالمستنقع الفيتنامي الذي خبره محللو أميركا والغرب العسكريون.‏

ولطالما رحبت سورية بالجهود الدولية التي تريد فعلاً أن تحارب الإرهاب والجيش العربي السوري قادر على القضاء على الجماعات الإرهابية على كل الجبهات وأميركا هي من أكبر داعمي السياسات الخليجية والتركية التي ربت الإرهاب، وهي لاتريد الآن أكثر من حماية إرهابييها الذين يخوضون الحرب بالوكالة عنها والضربات الجوية الوهمية غايتها مد أجل الأزمة في سورية وخاصة أن الكونغرس الأميركي منح الضوء الأخضر لأوباما بتسليح إرهابيين آخرين من غير داعش لضرب الدولة السورية، ولكن السؤال هل حقاً أوباما سيتمادى في الاستمرار أكثر بدعم مجموعات مسلحة أم وجد نفسه هو وحلفاؤه على حافة الهاوية، لان أي خطوة تنطوى على غطرسة زائدة تجاه القطب الصاعد الجديد ستنطوي على جر العالم إلى حرب عالمية ثالثة لا تبقي ولا تذرفي الوقت الذي لا تبدو فيه بوادر استدارة أميركية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية