تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عصر النهايات القصوى.. عصر الوقوف على حافة التلاشي

ثقافة
الخميس 11-9-2014
سوزان إبراهيم

يجتهد كثيرون في إطلاق واختراع مسميات على عصرنا الراهن, وعينهم على ثورة المعلومات والاتصالات, فهو عصر المعلوماتية والتواصل, وهو عصر العولمة حيث العالم قرية صغيرة, وهو عصر ما بعد الحداثة أو ما بعد بعدها.. وفي جهة أخرى للنظر إلى العالم في عصرنا هذا ثمة من يبشّر بنهاية الكون نظراً لأسباب موضوعية لو تفحصتَها لقلتَ: إن النهاية آتية لاريب فيها.

في عصر الأنوار العلمية والمعارف المتهاطلة كل يوم وربما كل ساعة, لابد فعلياً أن يغدو العالم على غير ما كان عليه, وهنا أرى أن ما تداوله الناس والمنجمون حول نهاية العالم عام 2012 كان بطريقة أو بأخرى صحيحة, وكل ما كان يتوجب التأكد منه هو طريقة قراءة نبوءة شعوب المايا حول نهاية العالم.‏‏

من يجرؤ على القول بأن العالم الذي كنا نعرفه أواخر الألفية الثانية- وما قبل ذلك- هو نفس العالم مطلع الألفية الثالثة وسنواتها التالية!‏‏

العالم فعلاً انتهى: لقد انتهى العالم بالصورة التي كنا نعرفه عليها!‏‏

ما يلزمنا الآن هو قراءةٌ مغايرة ونظرةٌ أبعد من أنف جهلنا.. فقد أكدت نبوءة المايا غباءنا وكانوا أكثر حكمةً منا جميعاً.‏‏

knowing يقودني هذا إلى السينما وفيلم في الخيال العلمي من إنتاج عام 2009 بطولة نيكولاس كيج.. عنوان «المعرفة».. كيف يمكن أن تتصرف إزاء معرفتك بتهديد قادم من الشمس ليفني الكون؟ كيف يمكن أن تكون هذه المعرفة جحيماً لا جنة.. فلطالما ارتبطت المعرفة بتأشيرةٍ لدخول الجنان.‏‏

ما فائدة المعرفة دون رؤيا؟‏‏

هل تذكرون تنبؤات بداية كل عام.. هل يملك هؤلاء المعرفة أم هم أدوات بيد سلطة عليا تمهد الرأي العام لما ستقوم هي به من أفعال..‏‏

بعض المعرفة تقول: إن سلطة معرفية تقود العالم من مختبرات.. وأن هذه المختبرات أنتجت ما نجهله تماماً وأن لها سلطة حتى على إحداث تغييرات مناخية هامة وقد تكون كارثية: قد تغيّر التوزع الجغرافي المتعارف عليه من مناطق صحراوية إلى جنة خضراء أو العكس.. بعض المعرفة تقول إن بإمكان المعرفة الجديدة إحداث زلزال في منطقة ما (ثمة تكهنات جادة حول مسؤولية المعرفة عن زلزال اليابان والتسونامي الذي أعقبه وأطاح أو كاد بمنطقة نووية-فوكوشيما)!‏‏

بلى لقد انتهى العالم كما كنا نعرفه- وما من داعٍ لإفناء البشرية كلها دفعة واحدة, فثمة حروب وأوبئة تخرج من المختبرات لتعمل على تقليص عدد سكان العالم المرعب, للوصول إلى مليار ذهبي ومليارين من العمالة لخدمة الذهبيين.‏‏

حتى على مستوى بلدنا سورية, هل نحن كما كنا عليه قبل سنوات عشر أو نحو ذلك؟‏‏

ثمة فيروس أُطلق في أجوائنا, والأصح في نفوسنا, راح يؤثر فينا, وها نحن فريقان أو أفرقاء نتقاتل وندمر ونعمل على تغيير العالم من وجهة نظر ضيقة لن تفضي إلا إلى القبور.‏‏

التنبؤات قالت منذ زمن إن سورية سوف تتعرض لزلزال وفيضان, وحين سئل رجل حكيم يملك البصيرة قبل البصر قال: لم تجيدوا قراءة المعرفة المكتوبة على أفق الغيب فما قرأتموه زلزالاً صار حرباً دمرت وقتلت وشرّدت... وما رأيتموه فيضاناً صار بحر دماء لم تكد بقعة تنجو منه.‏‏

ما قيمة المعرفة إذاً إن لم ترتبط برؤية وبصيرة؟!‏‏

عصر العولمة والثورة العلمية وثورة الاتصالات والمعلومات لم تحمل لنا عالماً أكثر إنسانية أو أكثر تكافلاً.. لم تجعل الإنسان أكثر سعادة وأقرب إلى الجنة الموعودة.. لم يصبح الحب أكثر ضرورة من الحرب.. لم يصبح الرفيق درباً ولم يصبح الدرب رفيقاً!‏‏

أي معرفة نحتاج اليوم؟‏‏

ربما نحتاج أن نعرف- وبشدة- ما قاله قبل عشرات السنوات ليوناردو دافنشي الشهير في أعماله الأدبية: «إن الشمس وحالما تبزغ من الشرق تبلغ بأشعتها الغرب.. وأن العين فور فتحها ترى نجوم نصف الكرة الأرضية برمتها, وأن العقل يثب بلحظة واحدة من الشرق إلى الغرب.»‏‏

هل ترغب بمعرفة المستقبل وما ينتظرك؟‏‏

انظر إلى حاضرك.. وكيف تتوجه إلى غدك وبأي الطرق وبأي معرفة في رأسك.‏‏

قد نجرؤ على القول بناء على كيفية توجهنا إلى مستقبلنا, ونوع المعرفة في رؤوسنا: إن الغد لن يكون بالبياض الذي نشتهي.. وإن فرداً أو أفراداً لن يغيّروا مصيرنا, لأنه\ لأنهم لا يملكون المختبرات اللازمة لإنتاج فيروسات التطور الاجتماعي المحمودة, ولا بكتيريات التطور العلمي الجميلة..‏‏

معرفتنا لا تتوخى المستقبل, ولا حتى الحاضر- بيض المستقبل- معرفتنا عالقة في الماضي غائصة حتى روحها في قراءات لم تجلب لنا إلا التسلط والتقاتل والركون إلى ما أنجزه الميتون منا.‏‏

هي المعرفة- معرفتهم ما قاد العالم إلى ثورة المعلومات والاتصالات, وهي المعرفة-معرفتنا التي قادتنا إلى المراوحة في المكان والتحزب خلف قراءات وتفسيرات للماضي, وقد تكون في معظمها خاطئة.‏‏

أي معرفة يحتاجها الإنسان إذاً؟‏‏

ربما معرفةٌ تقود إلى ينابيع الفطرة والبداءات.. أي إلى الطبيعة.. التي أتينا من معرفتها السرية الأبدية.‏‏

suzan_ib@yahoo.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية