تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لا هوية للشعر إلا نفسه

الرسم بالكلمات
الاثنين 18/8/2008
رولا حسن

لطالما كانت الأمكنة ولا تزال مصدر إغواء بالنسبة لي..

وكلما كان المكان غريبا وبعيداً كان الإغواء أكبر لأصابعي, وأقدامي ومشاعري, لذا أعتقد أن ذاكرتي ذاكرة بصرية.. فيها مجموعة هائلة من صور الشوارع والأزقة.. الأسواق والمدن الناس والوجوه.‏

لطالما استدعيت هذا العالم في قصائدي من خلال الصورة التي كانت ولا تزال نقطة انطلاقي للكتابة, صرت أفهم العالم بمدركاتي الحسية, وفي الصورة تختزن شيفرتي وربما ليس مصادفة أن ارتبطت الصورة في حياتي بكثير من المواقف المصيرية.‏

حين وقفت في أماكن بعيدة ونائية, بعيدا عن محيط الكتابة الخاص وأمام أناس لا رابط بيني وبينهم سوى اللحظة التي تجمعنا وربما لم تكن هذه اللحظة سوى الشعر نفسه, كنت أتساءل حينها كيف سنتفاهم? خليط لغات متنافرة وحضارات وثقافات مختلفة, ما الذي سيجمع بيننا? وهل اللغة لم تعد ضرورية? وهل لم تعد حقاً وسيلة للتخاطب?.‏

أول ما كان يخطر ببالي حينها ما قاله الشاعر البرتغالي (فرناندو بيسوا) :( أنا أسكن لغتي) نعم اللغة مشكلتي وكتبت بها وهي التي قادتني إلى بلاد بعيدة, من هنا صرت أفهم كتابا كثيرين عاشوا بعيدا عن بلادهم.‏

اللغة صارت وطني الذي أسكنه وجعلت من تجربة القراءة في بلاد وأماكن لا تمت إلى تجاربي الحياتية بصلة ولا يربطني بهوائها وناسها وشوارعها أي ذكريات, شيئاً جميلاً زادني ثقة وارتباطاً بالشعر, هنا ثمة انفصال عن كون شكّلك وصرت جزءاً أكيداً منه.. وكون آخر تستطيع أن تشكله بذائقة مختلفة وحرية أخرى.‏

كنت أقرأ القصائد وأنا أكتشف فيها كائنات جديدة غير التي عرفتها, فأرى الأشجار أكثر خضرة والشوارع أكثر اتساعاً.‏

أقف هناك لأقرأ تلك الأشياء الحميمة التي عايشتها وارتبطت بها وجدانيا على نحو حميم, أشياء أعرفها تمام المعرفة في أماكن مجهولة تماماً, ذلك أعطاني شعوراً جميلاً ومختلفاً وطازجاً.‏

والأهم من ذلك كله أني استطعت أن أوصل شعري إلى الآخر المختلف وهذا كان أمراً مهماً بالنسبة لي وبالمقابل استمعت إلى قصائدي بلغات أخرى وهذا أمر كان شديد التأثير في نفسي أن يقرأ نصي بلغات أخرى جعلني أعتقد أن لاقومية للشعر ولا هوية له سوى نفسه مهما تغير المكان والزمان.‏

-شاعرة سورية شاركت بقراءات شعرية في:‏

-معرض فرانكفورت للكتاب عام 2004‏

-مهرجان لوديف (أصوات المتوسط) بفرنسا عام 2001و,2007ولها ثلاثة إصدارات شعرية ترجمت قصائدها إلى الفرنسية والألمانية والإنكليزية‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية