وما كان منارة مضيئة في الخطاب هو إعلان السيد الرئيس عن بداية مرحلة جديدة في حياة سورية والسوريين، وتأكيده الاستعداد الوطني لهذه المرحلة شخصياً منه؛ وهو يقود الوطن في أصعب حقب تاريخه منذ هجوم تيمورلنك على وطننا الغالي حتى اليوم. وشعبياً أي السوريين الذين سيكتب عنهم التاريخ بأنهم من أعظم شعوب الأرض انتماءً لوطنهم، وإرادة الدفاع عن سيادته واستقلاله، ومهما قسَتْ عليهم الظروف فإنها تمنحهم المزيد من الصلابة، والقدرة على مواجهة التحدّي. فالخصوصية السورية شعباً، ودولةً، وجيشاً قد عصيت على الحرب الكونية التي شنّها الحلف الأمروصهيوني وأذنابه من أعراب الرمال على آخر حصن للعروبة الصامدة بوجه مشاريع التفتيت الجيوتاريخي للمنطقة العربية تذرّعاً بمطالب لم يكن للشعب فيها أي مستقبل حقيقي فعرفها شعبنا حين تأكد حقاً من أنّها غلافٌ يدّعي الحرية، وقوىً ستأخذ الوطن إلى كافة أشكال تحطيم الدولة، وتفجير المجتمع خدمة للحلف التآمري الذي أسّس للمجموعات الإرهابية، ورعاها، ووفر لها إمكانات الدخول إلى سورية وما فتئ يدعمها بكافة طرق إدامة عدوانها، وعمالتها. ومن الملامح الاستثنائية لشعب سورية العظيم أعلن الرئيس في خطابه بأنه سيبقى الشخص الذي ينتمي لشعبه يعيش معه، ويستدل برأيه، ويستنير بوعيه؛ وهذه فرادة كبيرة في تاريخ القادة والشعوب، وكذلك أعلن السيد الرئيس بأنه مهما كانت الوظائفية التآمرية لأعراب الصهيونية وأمريكا حيث نسفوا الجامعة التي كانت عربية، ومعها كل مؤسسات العمل العربي المشترك وعلى رأسها مؤتمر القمة العربية، فإن سورية– من قلب معركتها ضد أكثر من 87 جنسية دولية من الإرهاب الدولي المنظّم – لم تترك بوصلتها القومية، ولن تترك قضية فلسطين المركزية للعرب، والعدوان على غزة مكشوف بأنه مخطط إسرائيلي غربي، ومنفّذٌ من دول الاستبداد والتخلّف في النظام العربي الراهن، وكما أن صمود الشعب السوري قد أعلن رسمياً وفاة ما عُرف بالربيع العربي، وهو ربيع مزعوم جاء لنا بكل قطعان الإرهاب، وسياسات التوحش باسم الإسلام الذي لم يكن لهؤلاء ولم يكونوا منه في شيء، فإن الرد التاريخي لشعبنا ووطننا كان وما زال بالارتفاع فوق التعايش والتسامح نحو المزيد من التكامل والتجانس لكي يواجه المؤامرة الصهيوأعرابية عليه، ويواصل اختيار دروب مستقبله الذي هو مُلْكٌ له ولا يمكن أن يسمح للعملاء بأن يتولوا زمام حياته، ولا دور للغرباء في أن يحددوا له سياساته التي تنبع من صميم مصالحه.
والحكومة الجديدة ستجد أمامها البرنامج الوطني الذي اشتملت عليه العناوين الكبرى البارزةُ في خطاب القسم الدستوري، حيث أن السوريين الذين أسقطوا كافة أشكال تآمر التحالف الدولي عليهم معنيون اليوم بإعادة إعمار بلدهم، وتحديث آليات دوران الاقتصاد الوطني بصورة رابحة وعائدة للشعب كل الشعب. ومعنيون بأن الحل الوطني السياسي في الداخل هو بالضرورة منهم، وفيهم ولا دور لغريب إلّا إذا كان داعماً وصديقاً. ومعنيون بإعادة إنتاج التربية الأخلاقية من أرضية أن انعدام الأخلاق كان الأساس الأخطر الذي بنيت عليه الأزمة. ومعنيون بالحوار الوطني الذي ينتج المشترك السليم بين أهل الوطن الواحد، ويفرز فئة العملاء الذين لم تثبتْ وطنيتهم. وكما أن العدوان على سورية قد استهدفت الحالة السيادية لسورية فالمرحلة الجديدة في رأس وظائفها تعزيز سيادة الوطن، وتأكيد قرار استقلاله، وعدم جواز التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية، وهذا الشأن له خصوصية مهمة في إخراج بلدنا من الأزمة. والمرحلة الجديدة التي أعلن عنها السيد الرئيس ستكون معنية بوجه كبير بمكافحة الفساد المالي والإداري الذي أساسه الفساد الأخلاقي حتى تتطور الإدارة السورية في الدولة، وفي مؤسسات المجتمع الوطني عموماً؛ وصولاً إلى أن الشهداء الذين رووا بدمائهم تراب هذا الوطن حتى خلّصوه من الأعداء والإرهاب التكفيري هم الذين أسّسوا إلى مرحلة حماية الوطن وإعادة بنائه بصورة أقوى.
وهم الذين سيّجوا بدمائهم الطاهرة حدود الوطن ولا بد من وضع ذويهم في صيغة أعلى أشكال الرعاية كما كان العهد لهم دوماً. وبناءً عليه فالمرحلة الجديدة وبرامجها عبر الحكومة الجديدة هي مرحلة وطن ناهض بكامل فضاءاته السياسية، والاقتصادية, والاجتماعية، والتربوية. والثقافية, والعسكرية، والحقوقية، والديمقراطية لكي تواصل سوريا دوماً دورها في صناعة المستقبل الذي يهم كل السوريين، وتحرير البلاد، والعباد من العدوان القائم عبر الحلف الصهيوأعرابي حتى تكون القيامة السورية الجديدة مجداً جديداً لشعبٍ عربي عريق في الحضارة والتاريخ.