تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التضليل الإعلامي والوعي المعلب

شؤون سياسية
السبت 5-11-2011
حسن حسن

تتمثل أبسط تجليات البروباغندا في تأكيد أمر محدد وتكراره ونشره.

كان جوزيف غوبلز وزير الإعلام والبروباغندا النازي الشهير بمهارته في هذا المجال يقول مايلي:‏

من كثرة التكرار وبمساعدة معرفة جيدة لنفسية الأشخاص المعنيين يبنغي أن يكون ممكناً تماماً البرهان على أن المربع هو في حقيقة الأمر دائرة.‏

فبعد كل شيء ماهي الدائرة والمربع ؟ مجرد كلمات، ويمكن تشكيل الكلمات بحيث لايعود التعرف على الأفكار التي تحملها ممكناً.‏

إن تضليل عقول البشر هو - على حد قول باولو فرير أداة للقهر إنه يمثل إحدى الأدوات التي تسعى النخبة من خلالها إلى تطويع الجماهير لأهدافها الخاصة.‏

وحيث يكون التضليل الإعلامي هو الأداة الأساسية للهيمنة تكون الأولوية لتنسيق الوسائل التقنية للتضليل وتنقيحها على الأنشطة الثقافية الأخرى، وتجتذب وسائل الإعلام طبقاً لمبادئ السوق أذكى المواهب لأنها تقدم أعلى الحوافز وهكذا ينتهي الأمر بالدارسين الموهوبين من حاملي أعلى الشهادات العلمية والأكاديمية إلى العمل في الإعلانات والإعلام ... والتضليل .‏

تتم السيطرة على أجهزة المعلومات وفق قاعدة بسيطة من قواعد السوق، فامتلاك وسائل الإعلام والسيطرة عليها شأنه شأن الملكية الأخرى متاح لمن يملكون رأس المال والنتيجة الحتمية لذلك أن تصبح محطات الإذاعة وشبكات التلفزيون والصحف والمجلات وصناعة السينما ودور النشر مملوكة جميعها لمجموعة من المؤسسات المشتركة والتكتلات الإعلامية ويصبح الجهاز الإعلامي جاهزاً للاضطلاع بدور فعال وحاسم في عملية التضليل .‏

وتحت غطاء حماية الملكية الخاصة وحراسة رفاه الفرد وحقوقه يتم تشييد هكيل كامل من التضليل الإعلامي، فهذه الشركات العملاقة من الاحتكار الإعلامي تسوق على أنها مثال للجهد الفردي، ولكي يؤدي التضليل الإعلامي دوره بفعالية أكبر لابدّ من إخفاء شواهد وجوده.‏

أي إن التضليل يكون ناجحاً عندما يشعر المضللون بأن الأشياء هي على ماهي عليه من الوجهة الطبيعية والحتمية، أو بعبارة أخرى إن التضليل الإعلامي يقتضي واقعاً زائفاً هو الإنكار المستمر لوجوده أصلاً.‏

وللإعلام الدور الأول في تضليل الرأي العام في قضايانا السياسية وتستخدم أنظمة الاستكبار العالمي الإعلام أداة فعّالة قوية في تضليل الرأي العام وتحريفه.‏

ومهمة هذا الإعلام اليوم هو : إبطال الحقوق وإحقاق الباطل وتقريب البعيد وإبعاد القريب ، وتشويه صورة الصديق حتى نراه عدواً وتجميل صورة العدو حتى نراه صديقاً.‏

ومن أعجب ماشاهدنا من التضليل الإعلامي الحملة الإعلامية ضد إيران والملف النووي الإيراني وضد سورية...‏

ومن وراء الإعلام الأميركي والغربي حشد من الإعلاميين عندنا الذين كانوا يرددون الإعلام الأميركي على هيئة الببغاء...من غير تفكير في ماهية هذه الحملة .‏

وكانت غاية أميركا من هذه الحملة الإعلامية ضد إيران أمرين اثنين: الأول: تحريف الرأي العام العالمي والعربي عن هزائم اسرائيل وإبراز بؤر استقطاب أخرى عديدة للرأي العام، تلهي الناس وتشغلهم عن هزائم إسرائيل وحفظ مايمكن حفظه من ماء وجه إسرائيل في هذه الهزائم المتكررة التي ألحقت بها.‏

والثاني: الذي كان يطلبه الأميركيون في هذه الحملة الإعلامية تشويه الوجه الإيراني في العالم العربي، وتأليب العرب والأنظمة العربية ضد إيران ، وتحضير الحالة الإعلامية والنفسية في العالم وفي المنطقة العربية ضد إيران، وتحضير الحالة الإعلامية والنفسية في العالم، وفي المنطقة لضرب المفاعل النووي الإيراني وضرب البنى التحتية الإيرانية على يد إسرائيل أو بالسلاح الأميركي مباشرة .‏

ومن عجب أن الإعلام الغربي والعرب في المنطقة يتغاضى عن التدخل العسكري المباشر لأميركا في العالم الإسلامي على هيئة الاحتلال العسكري في أفغانستان والعراق وعلى مرأي ومسمع من العالم، وهو أقبح أشكال التدخل وأشنعها ...ويتغاضى عن المشروع الأميركي الذي تصرح به أميركا في إعادة رسم الشرق الأوسط وتجديد هيكليته السياسية تحت عنوان الشرق الأوسد الجديد.‏

ويتغاضى عن التدخل الأميركي العسكري في ليبيا والسودان وفي الخليج ..ويتغاضى عن التهديد السافر لسورية ...وأمثال ذلك.‏

إن تصوير مثل هذا الإعلام إلى الناس نحو من احتقار عقول الناس وامتهانهم... والناس يدركون هذا المعنى ومن أكبر أخطاء الإعلاميين احتقار عقول الناس بهذا الحد واعتقادهم أن الناس يصدقون كل مايصلهم من الإعلام فالجمهور يفهم ويدرك وليس كما يعتقد رجال الإعلام موضعاً للاستهلاك الإعلامي فقط.‏

ومهما يكن من أمر فإن علينا أن نفكر بجد في المسألة الإعلامية فإنها اليوم جزء لايتجزأ من المعركة ومالم نمتلك إعلاماً قوياً يقدم إضاءات كاشفة للأحداث السياسية التي تمر على العالم الإسلامي لانستطيع‏

أن نزيل الظلمات الإعلامية التي تزحف علينا من الغرب.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية