تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


.. وأحـــــــلام نــابلـيــــون بعـــد قرنـــــــين؟!

قاعدة الحدث
السبت 5-11-2011
إعداد: عزة شتيوي

اختار الأوروبيون الرقم اثني عشر ليكون عدد النجوم الذهبية في علم الاتحاد الأوروبي لأن الرقم اثني عشر برمز للكمال في العديد من الثقافات كما اختاروا أن تأخذ تلك النجوم في توضعها على العلم شكلاً دائرياً لأن الدائرة ترمز للوحدة

وبالتالي تعبر عن وحدتهم التي ولدت في الاتحاد الأوروبي بعد عدة محاولات بدأها نابليون في القرن التاسع وتبعه هتلر في أربعينيات القرن العشرين ولكن كلتا التجربتين لم تتمكن من الاستمرار إلا لفترات قصيرة وانتقالية بوجود مجموعة من اللغات والثقافات الأوروبية المتباينة، واشتملت هاتان التجربتان على الإخضاع العسكري للأمم الرافضة ما أدى إلى غياب الاستقرار بالتالي كان مصيرها الفشل في النهاية.‏

إلى أن جاء المفكر فيكتور هيغو عام 1851 وقدم فكرة للتوحيد السلمي بين الأوروبيين تقوم على التعاون والمساواة في العضوية ولكن هذه الفكرة لم تحظ بفرصة جادة في التطبيق، وبعد كوارث الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية ازدادت بشدة ضرورات تأسيس ما عرف فيما بعد باسم الاتحاد الأوروبي مدفوعاً بالرغبة في إعادة بناء أوروبا ومن أجل القضاء على احتمال وقوع حرب شاملة أخرى، حيث إن مع نهاية النظام العالمي الثنائي القطبية، عادت لأوروبا مكانتها التي فقدتها بالتبعية العسكرية للولايات المتحدة الأميركية في نصفها الغربي والتبعية الأيديولوجية للاتحاد السوفييتي نصفها الشرقي فسعت أميركا لتشجيع قيام اتحاد بين الدول الأوروبية ليخفف عنها عبء المسؤولية الكامل الملقاة على كاهلها السياسي والعسكري في مواجهة الاتحاد السوفييتي خارج وداخل أوروبا.‏

فكانت انطلاقة الاتحاد الأوروبي ابتداء من تشكيل اتحاد غرب أوروبا بتوقيع اتفاق بروكسل الأمني عام 1948م الذي كان نواة لإنشاء حلف شمال الأطلسي مع كندا وأميركا عام 1949 للدفاع عن أوروبا حيث تولى جميع المستويات العسكرية الجماعية لدول أوروبا الغربية التي حافظت على مسعى اتحاد غرب أوروبا لتنسيق التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بجانب الدفاع الذاتي الجماعي وإن بقي هذا الاتحاد مكوناً عسكرياً إلى نهاية عقد السبعينيات مع بوادر ظهور وفاق أميركي، وسوفييتي خشيت معه أول دول أوروبا الغربية أن يؤدي إلى صفقات تسوية على حساب أوروبا أو تحسباً لأي توترات في العلاقات بين القوتين العظميين.‏

وبدأت عام 1948 مراجعة المعاهدة الدفاعية للاتحاد لتقديمها في بلورة هوية عسكرية أوروبية مستقلة عن حلف شمال الأطلسي لدرجة أنها طالبت جميع دول الاتحاد الأوروبي بالانضمام إلى معاهدة غرب أوروبا العسكرية باعتباره المكون الدفاعي الأوروبي.‏

ورحب مجلس حلف شمال الأطلسي بهذه الدعوة في قمة ماستريخت عام 1991.‏

أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي فقد كان إنشاؤه لدواع اقتصادية بحتة بدأت باتفاقية الحديد والصلب بين فرنسا وألمانيا عام 1952 ثم توسعت باتفاقية الطاقة الذرية في قمة روما عام 1957 م ولم يكن لها تفاعلات مؤثرة على المستوى المطلوب إلى أن دعوى الرئيس الفرنسي(شارل ديغول) إلى إنشاء جهاز سياسي أوروبي موحد عام 1968 وهو ما أدى إلى انعقاده على مستوى القمة الأوروبية بشكل دوري ومنتظم وبالفعل اتفقت دول الاتحاد في قمة باريس عام 1974 على الاجتماع بشكل دوري ومنتظم في إطار السوق الأوروبية المشتركة والتي تكورت بصدور قانون أوروبا الموحد عام1986م حيث بدئ العمل بتنفيذ قرار انعقاد القمة الأوروبية منتظمة كل أربعة أشهر لمنح عملية بناء الاتحاد الأوروبي دفعة سياسية قوية وللتعبير عن موقف أوروبي موحد في السياسة الخارجية.‏

ومنذ عام 1986 دخل الاتحاد الأوروبي مرحلة التفعيل المؤسساتي والدستوري بتشكيل آليات القمة ومجلس الوزراء الاتحادي والمفوضية الأوروبية وتشكيل البرلمان الأوروبي بالانتخابات المستقلة عن البرلمانات المحلية وتطوير الجهاز القضائي للاتحاد الأوروبي من خلال تشكيل محكمة العدل الأوروبية كما شكلت محكمة المراجعين والمدققين للشؤون المالية مع الهيئات الاستشارية في اللجنة الاقتصادية ولجنة اللوائح الجمركية بجانب البنك الدولي برأسمال قدره مليار دولار في عام 1959م وأصبح رأسماله عام 1999م مئة مليار دولار كما أن مع اتخاذ قرار توحيد العملة الأوروبية وإصدار اليورو الأوروبي تم تأسيس البنك المركزي الأوروبي الموحد.‏

وهكذا تحولت أوروبا المدمرة بعد الحرب العالمية الثانية إلى أوروبا الموحدة خلال خمسين عاماً خطوة بخطوة بالاتفاق على قطاع اقتصادي وحيد هو الفحم والصلب ثم الانتقال إلى التكامل القطاعي وتكامل السياسات الاقتصادية وصولاً إلى السياسات العامة الداخلية، وانتهاء بتوحيد المواقف في السياسات الخارجية الدولية، وتم هذا كله بمنظور وظيفي يقوم على أساس المرحلية والتدريج والحركة من أسفل إلى أعلى في التكامل مع نقل السلطات والصلاحيات الاتحادية الأعلى وسلطات الدول تدريجياً من خلال منطق التنسيق والتعاون وتحقيق المصالح.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية