تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


..وشبح الإفلاس يهدد كبرى الاقتصـــــادات الأوروبـيــــة

قاعدة الحدث
السبت 5-11-2011
إعداد : سليمان قبلان

تعاني منطقة اليورو من تفشي أزمة مالية تزداد حدتها يوماً بعد يوم, ابتداءً من اليونان لتطول دولاً عدة في الاتحاد الأوروبي, منها البرتغال وايرلندا ؛حيث تعتبران الأكثر تضررا من الأزمة, بالإضافة إلى إيطاليا وإسبانيا المصنفتين ثالث ورابع أكبر اقتصادين في منطقة اليورو,

وتزداد المخاوف من انتقال الأزمة إلى ألمانيا وفرنسا صاحبتي التصنيف الأول والثاني, وبشكل عام فإن الأزمة (كما رآها محللون اقتصاديون) التي تعانيها المنطقة ستنتشر أكثر لتطول دولا قارية أخرى, وربما كبرى, في حال بقيت الأمور على وضعها، الجدل الكبير حول مشكلة اليونان أفرز اختلافات منهجية كبيرة بين الشركاء الكبار في منطقة اليورو للتعامل مع الأزمة، وهو الأمر الذي غيّر النظرة حول النموذج الأوروبي للوحدة النقدية. فاقتصاد ألمانيا وفرنسا، من المفترض أن يتحمل أعباء كبيرة نتيجة الوحدة النقدية، كما أنه سيجني فوائد كبيرة منها, لكن أزمة اليونان جعلت البلدين يترددان كثيرا في تحمل مسؤولياتهما، فألمانيا لا تريد أن تدعم اليونان على حساب دافعي الضرائب الألمان، وفرنسا تضع أولوية كبرى ضد عملية إفلاس أو إعادة هيكلة الديون اليونانية, لأنها ستؤثر بالدرجة الأولى على مصارفها.‏

لذلك فقد كان الطريق الأسهل سياسياً هو تطبيق برنامج تقشفي أكثر بكثير مما يتحمله الاقتصاد والمجتمع اليوناني، ما دفع باليونانيين للنزول إلى الشارع احتجاجاً، الأمر الذي من شأنه أن يعقد من عملية تنفيذ البرنامج الإصلاحي لليونان.‏

وللمساعدة على حل أزمة اليونان ستعمل اوروبا و صندوق النقد الدولي على منحها قروضاً جديدة بقيمة مئة مليار يورو بحلول نهاية 2014.‏

شبح الإفلاس بدأ يخيم فوق إيطاليا بعد أن ارتفع سعر العائد على سندات الخزانة الاثنين الماضي إلى مستوى قياسى جديد حيث سجل 5.99% وهو أعلى مستوى له منذ قيام منطقة اليورو عام 1999, وحذر محللون أن إيطاليا لن تتمكن من تحمل هذه التكلفة المرتفعة للاقتراض وأنه اذا ما استمر هذا الاتجاه فانها قد تواجه مصيراليونان, ما يشير الى تزايد شكوك أسواق المال فى قدرة روما على سداد ديونها وسط تزايد الدعوات لرئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني الى الاستقالة, الذي أصرعلى أن إيطاليا صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو ليست بحاجة إلى خطة إنقاذ كما حدث لكل من اليونان وإيرلندا والبرتغال. وتأتي تصريحات برلسكوني إثر ضغوط من برلين وباريس للقيام بإصلاحات وإجراءات تقشفية بقيمة 48 مليار يورو بهدف تقليل الديون وتخفيض عجز الميزانية العامة حيث يبلغ حجم الدين العام لإيطاليا أكثر من 1.9 تريليون يورو, أي ما يزيد 120% من الناتج المحلي الإجمالي، أو أكثر من ديون إسبانيا وأيرلندا والبرتغال مجتمعة.‏

وفي إسبانيا , ارتفع معدل البطالة في الربع الثالث من العام الجاري ليسجل مستوى 21.5%، مقتربا من أعلى مستوى له في 15 عاما، وذلك وفقا لبيانات رسمية. وأوضح تقرير للمعهد الوطني الإسباني للإحصاء أن الشهور الثلاثة المنصرمة منذ بداية شهر تموز إلى نهاية أيلول شهدت ارتفاع عدد العاطلين بنحو 145 ألفا، ليرتفع العدد الإجمالي في البلاد إلى نحو خمسة ملايين شخص ؛حيث يعد معدل البطالة في إسبانيا الأعلى بين دول الاتحاد الأوروبي في ظل تباطؤ الأداء الاقتصادي في المنطقة جراء أزمة اليورو. وعانى الاقتصاد الإسباني الذي يعد رابع أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو كثيرا منذ الأزمة المالية العالمية التي تفجرت عام 2008، التي أدت الى إجراءات تقشف وإصلاحات حكومية بهدف التعافي.و تجدر الإشارة إلى أنه في مطلع الشهر الماضي خفضت وكالتا التصنيف الإئتماني «فيتش» و» ستاندرد آند بورز» تصنيف الديون الإسبانية إلى مستوى(AA-) بدلا من (AA+)، محذرتان من أن تفاقم الأزمة له أثر سلبي على المنطقة برمتها.‏

البرتغال , ثالث دولة في منطقة اليورو طلبت حزمة إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد بعد اليونان وأيرلندا بسبب أزمتها المالية حيث شهدت البلاد مطلع الشهر الماضي احتجاجات شعبية على إجراءات التقشف الحكومية، معتبرين أنها قضت على الوظائف والعمال والمعاشات والحقوق الاجتماعية.‏

وقررت وكالة موديز خفض التصنيف الائتماني للبرتغال أربع نقاط، ليصل إلى ( BA2) وصنفته بعالي المخاطر، قائلة: إن هناك احتمالا كبيرا أن تحتاج البرتغال إلى جولة ثانية من التمويل الرسمي قبل تمكنها العودة لأسواق رأس المـــال في النصف الثاني من 2013؛ حيث يتوجب على لشبونة لضمان الحصول على قروض بنحو 78 مليار يورو أن تخفض ديونها من 9.8% من إجمالي ناتجها القومي إلى 5.9%.‏

وفي ايرلندا, كشفت الحكومة عن تفاصيل خطة تقشف ترمي الى توفير 15 مليار يورو حتى 2014, ما أدى لاسراع المستثمرين إلى بيع السندات الإيرلندية واستمرت أسهم بنوكها في الهبوط وسط توقعات باحتمال استيلاء الحكومة على المصارف بسبب ما تعانيه من أزمة, وإن أزمتها المالية لا تخصها بذاتها حيث لا يزيد عدد سكانها على أربعة ملايين نسمة، ولا يتجاوز حجم اقتصادها 200 مليار دولار، لكنها تخص كل أوروبا.‏

مراقبون دوليون يرون أن ما تعانيه دول منطقة اليورو حاليا هو أزمة ثقة في قدرتها على مواجهة الالتزامات التي ترتبها الوحدة النقدية عليها، فافتقاد منطقة اليورو القدرة على التكيف الداخلي فيما بينها، واعتمادها على التمويل الخارجي لمعالجة مشكلات دولها، جعلاها عرضة لرحمة الأسواق والمستثمرين فيها. ولا سبيل لاستعادة الثقة إلا بمراجعة شاملة لتشريعات وآليات الحوكمة في الاتحاد النقدي الأوروبي، لزيادة مرونة اتخاذ القرار، والاتفاق على توزيع واضح ومقبول سياسيا للأعباء والمسؤوليات.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية