هذا ماقالته صحيفة الغارديان البريطانية في 18 أيلول الماضي ،مضيفة إن مجموعة الأزمات هذه ما هي إلا جزء من قصة أكبر بكثير فقد تجاهلت الدول الأوروبية على مدى الأعوام الثلاثين الماضية الطريقة التي تم فيها تصور وتطبيق الرأسمالية وحتى يعترف المسؤولون الأوروبيون بهذا فإن الاقتصادات الغربية ستبقى عالقة في جمود لن ينتهي إلا بكارثة اقتصادية كبرى.
ويرى المراقبون أن المشكلة الأساسية في أوروبا سياسية وليست اقتصادية، والشك الأوروبي يتزايد في الدول التي تولت عملية الإنقاذ، وفي الدول التي تلقت عملية الإنقاذ على السواء وهذا يزرع نوعاً من مشاعر الاستياء بين الدول ويجعل من الصعوبة بمكان أن يقدم الزعماء في هذه الدول على تقديم التنازلات الضرورية المطلوبة. بمعنى آخر فإن أوروبا لا تواجه أزمة اقتصادية ومالية فحسب، بل أيضاً أزمة سياسية... فقد صاغت دول أوروبا سياسات مختلفة وهذا ما يعكس وجهات نظرها وليس بالضرورة مصالحها الوطنية الحقيقية ومن ثم فهو نوع من الصدام بين التصورات التي تحمل بذور خلافات سياسية خطرة.
بالمقابل فإن أغلبية حكومات أوروبا واقعة تحت ضغط شديد فقد أطاحت أزمة اليورو بالحكومة الآيرلندية السابقة من خلال صناديق الاقتراع. والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مهدد خلال الانتخابات الرئاسية في عام 2012 وتشير بعض استطلاعات الرأي إلى تقدم مرشح اليمين المتطرف الذي يرفض أصلاً المشروع الأوروبي... أما المستشارة الألمانية ميركل فإنها قد تواجه كارثة انتخابية لأن الرأي العام الألماني حساس لقضية القروض الممنوحة للدول الأوروبية المنهكة اقتصادياً ، حتى بعض المحاكم الألمانية هددت بعدم قانونية عمليات الإنقاذ، إضافة إلى تشكيك بعض الأحزاب الألمانية. لقد أدى ذلك إلى تباينات عديدة في الاقتصاد المالي لكل دولة.
احتجاجات ضد الرأسمالية
وما الاحتجاجات الشديدة و المظاهرات التي عمت العديد من الدول الأوروبية و الولايات المتحدة الأميركية في الأسابيع الأخيرة ضد أصحاب رؤوس الأموال والمؤسسات المالية والبورصات، وضد النظام الرأسمالي بمجمله الذي جلب لهم الفقر والبطالة والهزّات المالية والتفاوت الطبقي الكبير الا دليل على ما تعانيه شعوب هذه الدول من مآس بسبب هذا النظام الذي لا أخلاقيات و لا قيم له.
وهذه الأزمة هي الأكبر و الأشمل من حيث النتائج و التداعيات ، وهي تدل بوضوح على أن الأسواق إذا تركت دون رقابة و تنظيم انقلبت إلى غابة متوحشة يأكل فيها القوي الضعيف، ولهذا تفتقت الذهنية الرأسمالية عن حزمة من المعاملات الغريبة والمعقّدة كانت نتيجتها السقوط والانهيار.
تعكس أزمة سياسية
و يقول يوشكا فيشر وزير الخارجية الألماني السابق : تعكس الأزمة المالية الآن أزمة سياسية طاحنة في منطقة اليورو ، وهي الأزمة التي تدعو إلى التشكيك في قدرة المشروع الأوروبي ذاته على البقاء، وإذا مني الاتحاد النقدي في أوروبا بالفشل، فلن يتبق الكثير من السوق المشتركة، أو المؤسسات والمعاهدات الأوروبية، وسوف نضطر إلى شطب ستين عاماً من التكامل الأوروبي الناجح، ومواجهة ما يترتب على ذلك من عواقب مجهولة، وسوف يتزامن هذا الفشل مع ظهور نظام عالمي جديد، بعد نهاية قرنين كاملين من الهيمنة الغربية مضيفا تتحول القوة والثروة الآن باتجاه بلدان شرق آسيا وغيرها من البلدان الناشئة، في حين سوف تظل أميركا مشغولة بمشاكلها الداخلية وبالتحول من الأطلسي نحو منطقة المحيط الهادئ، وإذا لم يسارع الأوروبيون إلى معالجة هذه الشؤون الآن، فلن يتولى أحد هذه المهمة بالنيابة عنهم، وإذا لم تتول أوروبا اليوم تحديد مصيرها بنفسها، فسوف تصبح هدفاً لقوى عالمية جديدة.
و يرى فيشر ان سبب الأزمة الأوروبية ليس ثلاثة عقود من الليبرالية الجديدة، ولم تكن الأزمة نتيجة لانهيار فقاعة الأصول التي غذتها المضاربة، أو انتهاك معايير ماستريخت، أو الديون المتزايدة، أو البنوك الجشعة، فعلى الرغم من أهمية كل هذه العوامل، فإن مشكلة أوروبا ليست ما حدث، بل ما لم يحدث: إنشاء حكومة أوروبية مشتركة.
والواقع أن منطقة اليورو، وهي عبارة عن اتحاد كونفدرالي يضم دولاً ذات سيادة تتبنى عملة مشتركة ومبادئ وآليات مشتركة، أثبتت فشلها في اجتياز ذلك الاختبار، و بسبب عجزها عن الاستجابة بشكل حاسم للأزمة، تخسر منطقة اليورو الآن الثقة التي تشكل الأصل الأكثر أهمية لأي عملة، وما لم يتم تغليب الطابع الأوروبي على السلطة السياسية في أوروبا، مع تحول الاتحاد الكونفدرالي الحالي إلى اتحاد فيدرالي، فإن منطقة اليورو ( والاتحاد الأوروبي ككل ) سوف تتفتت.
وفي إطار أزمة أوروبا المتصاعدة، حذرت الولايات المتحدة من احتمالات أن تؤدي الأزمة المالية والاقتصادية في اليونان إلى آثار سلبية على الاقتصاد الأوروبي والأميركي، بينما تضاعفت تحذيرات خبراء الاقتصاد من أن تؤدي أزمة الديون الأوروبية إلى انهيار منطقة اليورو.
شبح الأزمة يجول في أنحاء أوروبا
و وفقا للوضع الحالي فإن شبح الأزمة يجول حاليا بين الدول الأوروبية، مع تحذيرات من جانب الخبراء بتطورات جديدة يطلقون عليها ( الموجة الثالثة للأزمة). وكانت الأحداث المالية الفارقة قد تبلورت في 2010 بوصول العجز المالي في اليونان إلى 12.7% ووصول الاقتصاد اليوناني إلى مشارف مرحلة الإفلاس، فضلا عن انتشار العجز في الموازنة بين عدة دول أوروبية، ففي أيرلندا وصل العجز إلى 11.7%، وفي البرتغال إلى 3.8%، وفي إسبانيا إلى 10% وهو ما جعل الأمل في استعادة الانتعاش يتلاشى. وبالرغم من أن رؤساء دول وحكومات منطقة اليورو عقدوا قمة استثنائية في 5 تموز في بروكسل للمصادقة على صفقة استثنائية بقرض قيمته 110 مليارات يورو يقدمها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لليونان، إلا أن هذه الخطوة لم تنجح في تعزيز ثقة المستثمرين بأسواق دول اليورو، وتضاعفت المخاوف من انتشار عدوى الأزمة في إسبانيا والبرتغال وايطاليا. وبعد عدة انهيارات لمؤشرات الأسهم في لندن وباريس وفرانكفورت وأسواق موسكو مابين 2% - 5%، وتسجيل أسواق دول شمال أوروبا خسائر تراوحت بين 2% إلى 4% أعلنت مصادر وول ستريت خسارة مؤشر داو جونز للأسهم الصناعية أكثر من 250 نقطة ما ضاعف من مخاوف المستثمرين بانهيار الثقة في أسواق العالم، وبدأ منظمو الأسواق الأمريكيون في التحقيق في الهبوط المفاجئ والمذهل للبورصة الأميركية والذي أدى إلى هبوط مؤشر داو جونز بنحو 1000 نقطة خلال دقائق قليلة.
في إطار ذلك، أصبح واضحا أن صفقة إقراض اليونان لم تنجح في إعادة ثقة المستثمرين بأسواق منطقة اليورو، ووصلت معدلات الفائدة التي يتعين على اليونان دفعها لجمع مبالغ مالية جديدة من خلال السندات العشرية إلى 12.171% مقارنة مع 10.932 % .
بدأت منذ نحو 10 سنوات
و يقول المحللون إن أزمة اليونان المالية ليست حديثة ولكنها بدأت منذ ما يقرب من عشر سنوات، وتضافرت فيها عوامل عديدة منها : تغييرات في البنية التحتية الإنتاجية، والتراجع في بعض قطاعات الصناعة التحويلية، واضطرار اليونانيين للاقتراض من البنوك بدلا من الادخار، هذا بالإضافة إلي إجراءات اقتصادية سيئة اتسمت بسوء التصرف الإنفاقي مثل المبالغة في ترتيبات التقاعد المبكر والمعاشات بتكلفة بلغت 550 مليون يورو، وصرف مكافآت لبعض الموظفين وصلت إلى 1300 يورو شهريا، ولا نغفل أن اليونان نظمت دورة الألعاب الأوليمبية في أثينا في عام 2004، وواكب ذلك انفاق باذخ وترف حكومي، دفعت ثمنه الفئات محدودة الدخل والطبقة المتوسطة وليس الأثرياء وكبار الرأسماليين، ومضاربي البورصة.
وعلى الرغم من أن الحكومات اليونانية المتعاقبة عبر فترة طويلة استشعرت مقدمات الأزمة، إلا أنها لجأت للاقتراض في ظل إقبال المستثمرين فيما يعرف باسم ( سوق أدوات الدين ). ومع تصاعد الأزمة، ومطالبة الحكومة اليونانية لأوروبا والعالم بمساعدتها، فإن 70% من اليونانيين رفضوا قرارات الحكومة بقبول مساعدات صندوق النقد الدولي، واندلعت المظاهرات والاضطرابات احتجاجا على برامج التقشف التي أعلنتها الحكومة.
و إن كانت المشكلة المالية، وإعلان إفلاس دولة ليست بالظاهرة الحديثة، حيث إن هناك أمثلة عديدة شهدت إعلان إفلاس دولة أكثر من مرة (فرنسا بين 1500 - 1800)، وإسبانيا في القرن 19 (7 مرات) إلا أن الأزمة اليونانية- الأوروبية الراهنة تنطوي على ملاحظات مهمة.
أولا: أن النظام الاقتصادي الدولي ومؤسسات ووكالات التصنيف العالمية، ليست على مستوي المسؤولية فيما يتعلق بتطبيق قاعدة الشفافية والمصارحة، لا في المعلومات التي تتلقاها عن حقيقة الوضع الاقتصادي للدول، ولا بالنسبة لما تعلنه من حقائق وتقارير بهذا الصدد، فما أكثر ما قيل عن دول أو مؤسسات أو بنوك عالمية من أن وضعها المالي لا يرقي إليه الشك، ثم أعلنت إفلاسها بعد وقت قصير، وينسحب ذلك على ما قيل بالنسبة لليونان والبرتغال وغيرهما من الدول، غير أن الأخطر من ذلك أن هناك حكومات تنفي المعلومات التي تعلنها مؤسسات التصنيف، أو تقدم لها معلومات مغلوطة لأسباب سياسية.
وكان صندوق النقد الدولي قد أعلن أكثر من مرة أن دولا وجهات أخرى مارست الضغوط على موظفيه لتغيير التقارير التي يصدرها أو إلغاء فقرات منها حيث (لا يميل السياسيون لسماع الحقائق).
ثانيا: بالنسبة للأزمة المالية في اليونان تحديدا، فقد اكتنفتها ظروف عبر عنها الاقتصادي الشهير اندرو بوسومورث بقوله ( إن الأزمة وظروفها إشارة تحذيرية لرأس المال الأجنبي بأنه ليس كل شيء على ما يرام في أوروبا ) فمن ناحية ترددت وتأخرت الدول الأوروبية كثيرا في مد يد العون لليونان وانتشالها من عثراتها المالية، وترددت ألمانيا تحديدا في الموافقة على مساعدات لليونان إلى حد أثار انتقادات شركائها الأوروبيين.
ثالثا: تثير الأزمة الراهنة تساؤلات تتعلق بالعلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي، ومستقبل الاتحاد نفسه، من ذلك: هل كان توسيع الاتحاد الأوروبي من قبيل الخطوات المتسرعة والخاطئة، أم انها جاءت في غير أوانها المناسب، الأمر الذي حمل بعض الأعضاء تكاليف مشكلات الآخرين؟ و هل تؤدي الأزمة إلى إقدام بعض الدول على مغادرة منطقة اليورو، أم أن تخلص مؤسسات الاتحاد نفسها ممن تعتبرهم أعضاء خاسرين؟ و هل تتأثر العلاقات بين القطبين الرئيسيين ألمانيا وفرنسا.
تقود أوروبا إلى المواجهة
وقال جون كورنبولم في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست مستشهدا بما قاله الاقتصادي بجامعة هارفرد مارتن فيلدستاين عام 1997 ان إدخال اليورو سيؤدي إلى خلافات رئيسية بين دول الاتحاد الأوروبي ، إذ إن مشكلات المحافظة على العملة الموحدة بين دول متعددة سيؤدي إلى مواجهات وإلى ولادة جديدة للشعور بالقومية.
وأضاف كورنبولم إن فيلدستاين كان محقا فيما ذهب إليه، إذ إن أزمة اليورو خلقت خلافات بين الأوروبيين دفعتهم ليصبحوا أكثر عدوانية، بل وأكثر قومية مرة أخرى، وقد تحولت نغمة اللباقة التي حافظ عليها الشركاء الأوروبيون لعدة عقود إلى حملة من تبادل الشتائم، ووصل ذلك إلى حد وصف الألمان لليونانيين بأنهم كسالى وفاسدون, وبوضوح أكثر أغبياء، كما أصبحت وسائل الإعلام الألمانية تبتهج بالإشارة إلى أثرياء اليونانيين بأنهم يتهربون من الضرائب ويحالون إلى المعاش في سن الخمسين، بينما تمتلئ موانئ اليونان بيخوت كسالى الأثرياء، واقترح المسؤولون الألمان على اليونان بيع بعض الجزر لتسديد الديون، ولا تزال المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تردد نفس النغمة ( إذا فشل اليورو فإن كل المشروع الأوروبي سيكون على المحك ) ، في المقابل، لجأ اليونانيون إلى تاريخ ألمانيا النازي فاتهموا الألمان بأنهم مدينون لليونان بمليارات الدولارات كتعويضات للحرب.
و بدلا من المحافظة على اليورو بعيدا عن السياسة كما كان الهدف من إنشائه، أصبحت عملية إدارة العملة الأوروبية الموحدة كرة قدم تتقاذفها أحقاد الدول الغنية والفقيرة في أوروبا.
فالدول الفقيرة ترفض إجراءات التقشف التي تطلبها ألمانيا، بينما ترفض ألمانيا إنشاء هيكل اقتصادي حقيقي ، والنتيجة هي المواجهة.
وبدلا من اتخاذ إجراءات جوهرية، تتخذ الدول الأوروبية خطوات صغيرة لا تغير الموازين داخل الاتحاد.
والخوف الكبير هذا من الصراع الداخلي هو إرث ورثته أوروبا من الحرب العالمية الثانية وبقي مع الاتحاد الأوروبي منذ بداية إنشائه عام 1957.
و ترجع جذور الأزمة الأوروبية الحالية -والمتعلقة بأزمة الديون والموازنات والمتمثلة في تراجع كبير للعملة الأوروبية الموحدة- إلى أزمة هوية داخل الاتحاد الأوروبي.
ففي سنة 2005 رفض الدستور الأوروبي في استفتاء في بلدين مهمين هما فرنسا وهولندا.
هذه الوضعية شكلت تحديا كبيرا لهذا الدستور من شعوب دولتين مؤسستين للمجموعة الأوروبية، وتفاقمت هذه الأزمة عندما رفض الأيرلنديون أيضا هذا الدستور و هذا الرفض يمكن تفسيره من خلال رغبة الأوروبيين في تصور جديد للاتحاد الأوروبي يقتصر على آليات للتعاون تحترم سيادة الدول.
تداعياتها الاجتماعية كبيرة جداً
وأشارت استطلاعات للرأي العام الأوروبي، أجرتها المفوضية الأوروبية حول نظرة الأوروبيين للأزمة الاجتماعية، إلى أن 75 في المئة من الأوروبيين رأوا أن مساحات الفقر اتسعت في بلدانهم ، وتتفاوت هذه النسبة بين مواطني دول الاتحاد، إذ يبدو الفرنسيون أكثر تشاؤماً، لأن 79 في المئة منهم يشعرون بازدياد الفقر في بلدهم، وسُجلت أدنى النسب في هولندا والدنمارك (37 في المئة) والسويد (30 في المئة).
وذكر 20 في المئة من المستَطلعين، بأنهم واجهوا صعوبات في سداد فواتير الاستهلاك والديون خلال عام 2009. كما يخشى نحو 25 في المئة من فقدان وظائفهم، وتسجل دول البلطيق أعلى نسبة الخائفين من البطالة، وتعكس هذه النسب تنامي الشعور بالقلق في صفوف السكان من تداعيات الأزمة وتأثيراتها السلبية على مستوى الخدمات الاجتماعية التي ميزت النموذج الأوروبي على مدى عقود.
وتحولت الأزمة الاقتصادية إلى كابوس اجتماعي خلال عام 2008-2009. ووصل العدد الإجمالي للعاطلين من العمل مطلع 2010م إلى 22.979 مليونا في الاتحاد الأوروبي أو 9.9 في المئة من السكان في سن العمل، بعدما كانت 8.5 في المئة في كانون الثاني عام 2009. وتنسحب أزمة البطالة على كل القطاعات الاقتصادية خصوصاً قطاعات البناء والخدمات، وتستهدف تحديداً فئات الشباب وتصل المعدلات إلى 19.7 في المئة في صفوف الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة. ويؤشر ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب إلى وجود جيل من الضائعين. وتبلغ نسبة البطالة في صفوفهم مستوى يمكن وصفه بالكارثة الاجتماعية في اسبانيا 38 في المئة، وليتوانيا 30.9 في المئة و24.4 في المئة في فرنسا.
.. وهي مرتبطة بأزمة النظام الرأسمالي
و الحقيقة أن المشاكل والأزمات نشأت في النظام الرأسمالي منذ نشأته وتكوّنه، وصارت تكبر وتزداد مع امتداد هذا النظام وتوسّعه، فكان من مظاهر هذه الأزمات في أوائل النشوء في القرن التاسع عشر( أزمة الأجور وساعات العمل في أميركا ) حيث استمرت إضرابات العمال فترةً طويلة حتى توصّلوا بعدها إلى حلّ وسط في تحديد الأجور وساعات العمل .. وكانت بعد ذلك أزمة الكساد العظيم في بدايات القرن العشرين سنة 1929، وكانت أزمة الحروب الطاحنة للسيطرة على الأسواق ورؤوس الأموال فكانت الحرب العالمية الأولى ثم الثانية التي حصدت أكثر من 20 مليون إنسان، ثم كانت أزمات الصراع الدولي الساخن والبارد بين الدول العظمى، وتسابق التسلح من أجل الردع وإنفاق المليارات على ذلك، وتخلّل هذه المرحلة الاستعمارُ العسكريّ لكثير من بلاد العالم من أجل رؤوس الأموال، ثم حصلت الأزمة الحالية في بدايات القرن الواحد والعشرين حيث بدأت بأزمة الرهن العقاري، وامتدت كالنار في الهشيم حيث جلبت على العالم الدمار الاقتصادي وخسارات تقدر بأكثر من 60 تريليون دولار حتى سنة 2011 ، عدا عن انهيارات في مؤسسات مالية كبيرة، وازدياد عدد الفقراء وازدياد عدد المهددين بالموت جوعاً، وما زالت الأزمة تضرب هنا وهناك وتنفلت نارها هنا وهناك، ويحاول قادة الغرب إطفاءها والسيطرة عليها لكن دون جدوى!! ..