تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ناجـي العلـي.. الرمــــز الـــذي رحـــل دون أن يـــــرى وجــــــــه «حنظلــــة»

ثقافـــــــة
السبت 5-11-2011
هفاف ميهوب

«هكذا أفهم الصراع.... أن تصلب قاماتنا كالرماح ولاتتعب.. أن نكون أو لانكون.. التحدي قائم والمسؤولية تاريخية.. أما عن موعد رؤيتي لوجه حنظلة، فعندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته»..

جميعها كلمات قالها رسام الكاريكاتير الفلسطيني (ناجي العلي) الرمز الذي استطاع ومن خلال رسوماته التي بلغت أربعين ألف لوحة ناقدة، أن يكون صاحب ثقافة أقوى من الرصاصة.‏

ثقافة أرادها صارخة بما يلعن الاحتلال ويمني المقهورين بالمزيد من الآمال.‏

إنه أيضاً (حنظلة) الشخصية التي ابتدعها وتمثل صبياً في العاشرة من عمره يعقد يديه خلف ظهره، وبالصفات ذاتها التي يحملها البساطة الاعتداد بالنفس، الجرأة، القهر والمرارة.‏

هذه الشخصية التي باتت بمثابة توقيع يمهر به رسوماته التي أحبها الناس وخاصة الفلسطينيين الذين اعتبروها رمزاً لشخصياتهم المعذبة والقوية.‏

أما عن ولادة (ناجي العلي) ففي قرية الشجرة بفلسطين ومن عام 1933 القرية التي تشعب إرثه النضالي فيها وإلى أن غادرها مع أسرته عام 1948، وبعد أن عاثت عصابات الاحتلال فيها قتلاً وتشريداً وبشاعة.‏

في لبنان وتحديداً في مخيم عين الحلوة أقام مع أسرته. وفيها أينع وعيه وأدرك ما معنى أن يعيش الإنسان مغرباً يبحث عما يعيد لأفكاره ارتباطها بالقضية الأساسية، القضية التي قام لأجلها بالعديد من النشاطات المعادية للاحتلال وبما انتهى به إلى الاعتقال والزج في زنزانات الاحتلال. تلك التي كانت جدرانها أول مرسم لنقمته وسخطه ومواجهته.‏

بيد أن الظروف التي عانى منها هي ما دفعه لامتهان فن الكاريكاتير، ذلك أنه وباعترافاته كان ميالاً للمسرح. معتقداً أن بإمكانه من خلاله أن ينقل مشاعره الحرة وصوته الجريء وإلى ما شاء مبتغاه النضالي. يقول:‏

«بالصدفة أصبحت رسام كاريكاتير.. كان لدي توجه في بداية شبابي لأن أتعامل مع المسرح: أردت أن أصرخ بالكلمة التي تنقل مشاعري وأحاسيسي لكن، دفعتني الظروف للعمل في المجال الصحفي فاكتشفت أن الكاريكاتير هو الأداة المناسبة للتوصيل».‏

بدأت مسيرة (ناجي العلي) الإبداعية بعد إدراكه أن ما يحيط به ويكبله من تناقضات لا يمكن الرد عليه إلا بأشد الفنون تعبيراً عن النقد والسخرية والسخط ومن كل شيء. الجوع والفقر. انتهاك حرية الإنسان وأرضه ووجوده دون رادع أو ضمير».‏

ويبدأ بالترحال، دون أن يعرف استقراراً ليكون قصره الأخير في لندن. البلد الذي استبصر فيها مصيره. ذلك أنه وقبل استشهاده لسنوات كان قد رسم لوحة تمثل رجالاً يصرخون: لا لكاتم الصوت، وفي اللحظة نفسها يترامى فيها جسد إنسان اخترقته رصاصات الغدر فانهار في طرف اللوحة.‏

إنها اللوحة التي جسدت نهايته وفي 22 حزيران 1987 حيث صوبت عليه يد قاتلٍ مأجور، رصاص غدرها لتكون نهايته التي دفن بعدها في لندن وبعيداً عن والده الذي كان قد اوصى بأن يدفن إلى جانبه في عين الحلوة.‏

لقد كانت رسومات (ناجي العلي) بمثابة الرصاص، يطلقه على الصهيوني فيجن كلما شاهد مقدار تأثير اللوحات على روح المقاومة لدى شعب رأى منها صرخة انتفاضته وفجر حريته.‏

أيضاً، ولأنه كان مسكوناً بالمرارة فقد عبر عما يسكنه من خلال التركيز على غطرسة وتخاذل أصحاب القرار، بالإيضافة إلى من باعوا ضميرهم للشياطين، وأحاسيسه التي رفضت المهادنة على حساب كرامة الأرض والإنسان.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية