تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المرأة في الشعر

رسم بالكلمات
الاثنين 26-3-2012
سوزانة خليل

أن يحتكر «داروين» مع نظريته التي افترضها حول الجنس البشري, وللتحديد أكثر فيما يخص تطوره من شكل القرد إلى شكله الحالي, فإننا حتماً لا نبالغ إن عممنا هذا (التطور) على كل مناحي الحياة تقريباً كأن نلصق النظرية باللغة

ونعتبرها أداة متطورة من شكل ثقيل على السمع وصعب على اللفظ, إلى لغة أكثر سلاسة ومرونة بحيث تدخل الأذن وتثير حفيظة الكلام، ولن يضر أن نعتبر أن هذا التطور يطال المرأة حين تدخل الشعر فابتداءً بالشعر الجاهلي  مروراً بالشعر الإسلامي  إلى شعر القرنين الثامن عشر والتاسع عشر حتى شعرنا الحديث هذا، تنقلت المرأة أو (تطورت) كــلغة حية قابلة للحياة مطولاً في قلب كل فترة زمنية تحتكر نوعية معينة من الشعر، وإن أشار «داروين» إلى أن الجنس البشري في أعلى السلسلة التي رسمها أو أوجدها إن صح التعبير، أكثر رقياً من تلك التي تأتي أسفل السلسلة باعتبار أن التطور ينتقل من تفصيل صغير غير محبب جداً إلى تفصيل أشد قبولاً وأجمل وقعاً على العقل، جاءت المرأة في الشعر لتتدرج من مكان رسمها بقلم وريشة كما هي دون إضافات, إلى مكان آخر اهتم بها كروح وجسد وأضاف إليها صفات أكثر قداسة وبجّلها وجعلها في قائمة الأمور الملهمة للشاعر أو الكاتب. أثبتت المرأة حضورها في نواح عدة, فوجدناها زوجة وأماً وملهمة وأكثر الشعر كان عنها، ويحدث أن جاء نجاح العديد من الشعراء للمرأة التي  واظبت هي على الدخول في شتى العقول مثيرة حفيظة الشاعر الخجول والجريء والهاوي، ومما قالوا في المرأة:‏

في العصر الجاهلي قال عمرو بن كلثوم: سمنت وطالت روادفها، تنوء بما ولينا‏

في العصر الإسلامي: يظل التغزل بالمرأة محفوفاً بالخجل حيناً, وبرصانة اللغة من جانب آخر.‏

يقول كعب بن زهير بن أبي سلمى: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول  -  متيم إثرها لم يُفدَ مكبول‏

في القرن الثامن عشر والتاسع عشر يثور القلم ويثور حامله ونرى ذلك حين تغزل سعيد عقل بالمرأة حتى بلغ  ذروة الجمال فيها حين قال:‏

 وكالضوء فوق السرير‏

اقلقي..‏

لأنك في الليل والليل نار‏

ونار يديكِ على مرفقي‏

يأتي الشعر الحديث ليعري المرأة تماماً, بحيث يتسنى للشاعر رصد مفاتنها وتأويل نزواته الحبرية على الورق كفعل إحراق واحتراق، يرسمها بالقلم كما ولو كانت تستفيق منه وتعود إليه وأكبر مثال على جمال المرأة الحقيقي هو ما سعى إليه نزار قباني في قصائده فتراه يقول:‏

كل رجل سيقّبلك بعدي‏

سيكتشف فوق فمك‏

عريشة صغيرة من العنب‏

زرعتها أنا....‏

يبقى على المرأة أن تشتري القصائد وتزين جيدها بها خاصة بعد أن أثبت الذهب أنه لا يقل قيمة عنه, ذلك أن الكلام أبقى وإن يكن كما قال نزار قباني مرة أخرى: (إن الحروف تموت حين تقال)... فداروين جاهز ليثبت له أنه من المستحب أن تموت لتُخلق كلمات أخرى أجمل وأجمل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية