تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عبد الرحمن آل رشي: كنت محظوظاً لدخول مجال الفن

تجارب شخصية
الاربعاء 31/10/2007
آنا عزيز الخضر

رغم أن البيئة الاجتماعية كانت تعتبر الفن كفرا لم تمنع عبد الرحمن آل رشي من متابعة ميوله الفنية ...

ففي فترة الخمسينيات أيام كانت ليالينا بلا كهرباء أحب دخول مجال الفن وكان الغناء محبب إليه , فأتاه التهديد من الأهل بالتبرؤ منه حيث المسموح هو تجويد القرآن فقط, فأسرته مثلها مثل كافة الناس في تلك الفترة تعتبر الفن مضيعة للوقت ليس إلا....‏

كنت أخاف من والدي كثيرا فتحولت عن الفكرة ولم أدخل مجال التمثيل إلا بعد وفاته وكان ذلك من خلال النادي الشرقي عام 1955 النادي الذي ضم أعضاء متمكنين في اللغة والأداء والقراءات وقد سبقوني وقتها بأشواط مما حفزني واستفزني بقوة على تطوير ذاتي عن طريق المعرفه خصوصا أن سويتي الثقافية كانت سيئة في بداياتي إذ توقف تحصيلي التعليمي عند/السرتفيكا/ سنة 1944 وإن كانت في وقتها شهادة مقبولة نسبيا إلا أنها لاتنتاسب مع وضعي الجديد فواظبت على القراءة وكان المخزون الثقافي الرفيق الأجمل الذي قلب حياتي وإلى الآن فإني أحفظ عن ظهر قلب أكثر من ألف بيت من الشعر العربي وأشعر بسعادة غامرة عند استذكارها .‏

وعبر النادي الشرقي كان التدرج من المسرح إلى الإذاعة والتلفزيون والسينما ولو تمعنت في التجارب الشخصية لوجدت أن الحياة كلها تجارب من الولادة وحتى الممات وحتما يكون الإنسان غبيا ما لم يستفد ويتعلم منها لأيامه القادمة من المحتمل أن يمر الإنسان بتجارب سيئة وإن قلنا عكس ذلك يكون الكلام ليس واقعيا فإذا لم يحتك الإنسان بمحيطه ويعرف سلبياته وإيجابياته فكيف يمكنه اكتشاف الحياة والتعرف على حياة الناس فيرى السيىء والجيد الناجح والفاشل و العالم لأن التجارب عندئذ لاشك تطلب منا الاستيعاب والفهم والمقارنة واتخاذ الموقف الصحيح الذي يحفظ إنسانيتنا.‏

وتجاربي تماثل تجارب كل الناس بتناقضاتها وتعرجاتها ومحطاتها فكل محطة مررت بها تركت آثارها عندي وكل تجربة على حدة لها درجتها وقيمتها وفائدتها ومضارها, إذ عشت تجارب حياتية مختلفة منها الجيد ومنها السيىء تلك التي حاولت الاستفادة منها دون أن تترك آثارها البشعة علي إذ تمكنت من التخطي لتجارب سيئة عديدة مرت في بداية حياتي ويعود هذا التوازن النفسي باعتقادي إلى الارضية السليمة التي نشأت فيها بغض النظر عن البيئة الاجتماعية العامة وسوية الوعي فقد كانت أجواء أسرتي ملئية بالحب والاحتواء والأمان حيث لم أسمع كلمة بذيئة من الأهل طوال عمري ولم أشعر يوما بأدني حالة أو موقف عائلي يقلقني أو يخل بتوازني, إضافة إلى المعرفة التي سعيت لها من أجل التمثيل وقد أنقذتني من موبقات هددت حياتي في البدايات أعتبر نفسي محظوظا لأني دخلت مجالا من أمتع المجالات وأمتع المهن على الاطلاق فعلى الدوام يتطلع الإنسان من خلالها على الجديد وهذا الجديد يستفيد منه على جميع الأصعدة . إذ مكنني التمثيل أن أعيش الحياة بألوانها المختلفة وعوالم كثيرة كشفت لي عن دواخل إنسانية متنوعة بفقرها وغناها بسطيحتها وعمقها فهناك الشخصية الشريرة النظيفة التاريخية والمعاصرة شخصية الحاكم والفقير وغيرها.. إذ جسدت كافة الشخصيات تقريبا عدا شخصية الإنسان الثعلبي الطباع والجبان فلم أستطع تجسيدها ولو فعلت لأبعدت عن العفوية وكشف عدم انسجامي معها فابتعدت عنها ولم أجسدها على مسيرة عملي الطويلة التي تتجاوز الخمسين عاما قمت فيها بأكثر من مئتي عمل فني رغم أني لم أشترط على الاطلاق أي دور خاص , قد يجوز لأن شكلي وصوتي لايتناسبان مع شخصية الجبان وقد يجوز لأنني أكرهها على الصعيد الحياتي بشكل كبير لأنني لا أخاف ولا أقوم بأي فعل يجعلني أخاف فحياتي طبيعية لا أكذب ولا أؤذي أحدا جريء في أي رأي أقدمه وإذا رأيت الغلط لا أسكت عنه, وأنا ضد التعدي على الآخرين, إذ إني حريص كل الحرص ألا أقترف أقل خطأ بحق أي إنسان قد يجرح مشاعره لذلك ليس عندي ما أخاف منه إلا الوقوع بالمرض , وهذا أمر شخصي بحت.‏

أكره التحزب والأحزاب وكل ما يحدد أحاسيسي الإنسانية بالآخرين ومهما كانت وخلف ملامحي القاسية طبيعة فيها الكثير من الحنان والعطف وحياتي كلها ضحك وتفاؤل.‏

أما الارتباط الوثيق ما بين الثقافة ومضمون أعمالي وآلية أدائي ثلاثية راسخة في تعاملي مع فن التمثيل إذ أعتبر نفسي عاجزا عن أداء دور أو حتى حفظه إن كان سطحيا أو فارغا مثلا مشاركاتي السينمائية وإن كانت تعد على الاصابع هي أعمال نوعية أيضا فمن المخدوعون الفيلم الذي عالج القضية الفلسطينية وعذابات الشعب الفلسطيني بكثير من السوداوية لكن بواقعية إلى السيد تقدمي كفر قاسم, المطلوب رجل واحد, الثوري الطابع على المظالم كلها حملت الرؤيا الفنية المسؤولة بحق تجاه القضايا المهمة الوطنية والاجتماعية والتحررية مثلها مثل سائر أعمالي الأخرى أما إذاعة دمشق فتعني لي الكثير فهي بساعاتها التي تتجاوز الخمسة وعشرين ألف ساعة منحتني الثقافة والأسلوب والأداء المتقن وأنصح كل ممثل في بداياتها بالاتجاه لها كونها تصقل الموهبة بكل معنى إذ أنه بفعل تجاربي الإذاعية تراكمت آلية انتقائية لدي باستدراك الحالة المشهدية الدرامية وجماليتها مستندا على أهمية الأداء والاحساس للوصول إلى المتلقي بالشكل الدقيق والمطلوب.‏

أحب الأداء باللغة العربية الفصحى تلك التي لم أمتلكها بالشكل الصحيح إلا بعد جهد وقراءات كثيرة ومستمرة وإن آمنت بالحظوظ فإن لاجتهادي وسعي دورا كبيرا في مسيرة حياتي فالحياة هي سلسلة من التجارب التي تتطلب التعب والجهد والتبصر والإدراك والمعرفة والثقافة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية