لكن لوحظ أن وكالة الطاقة الذرية لم تعر هذا الأمر اهتماماً, وتجاهلت كل ما قيل عنه مكتفية بإصدار بيان مفاده أن الوكالة ليست لديها أي معلومات حول وجود مثل هذه المنشأة,ووعدت بالتحري عن تلك المعلومات منوهة بأنها ستوجه سؤالاً للسوريين عما أعلنه الإعلام الإسرائيلي وما أدلى به المسؤولون الأميركيون.
وفي هذا السياق, يعترضنا سؤال تتعين الإجابة عليه: ما السر في تزامن نشر هذه المعلومات مع الإعداد للمؤتمر الدولي الذي تسعى به إدارة بوش إلى تحقيق تسوية اسرائيلية-فلسطينية نهائية,حيث صرحت وزيرة الخارجية كونداليزا رايس أمام القادة اليهود بقولها إن الوقت قد حان لإنشاء دولة فلسطينية, ومما يجدر ذكره أن الوزيرة المذكورة تحاول الفصل بين ما يشاع حول الانتشار النووي وعملية السلام المشلولة التي بوشر بها قبل ستة عشر عاماً.
حيث صرحت بقولها: لن تؤثر قضايا الانتشار النووي على المساعي الرامية لتحقيق السلام الإسرائيلي-الفلسطيني.
لقد استفادت اسرائيل كثيراً من قوة الولايات المتحدة حيث تمكنت من تحقيق أهدافها في المنطقة عبر وقوفها في وجه كافة المحاولات والجهود التي تبذلها الدول الغربية لتحقيق بعض الأهداف العربية والفلسطينية.
وأكد تلك المقولة العضو في مؤسسة السلام الأميركي في واشنطن فيليب ماتر مستشهداً بما قام به رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق بنيامين نتنياهو قبل عشر سنوات بإفشاله اتفاقية أوسلو وإثارة غضب الشعب الفلسطيني عندما عمد إلى شق نفق إلى المسجد الأقصى في القدس المحتلة عام 1996 حيث قاد ذلك إلى مصرع 80 فلسطينياً و15 من الشرطة الإسرائيلية. ومن ثم عمد بعد سنة من تلك الحادثة إلى تشييد مستعمرات حارحوما بهدف فصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية. ورأى وزير الخارجية البريطاني مالكولم ريفكند بأن البدء بإنشاء تلك المستوطنات سيفضي إلى الإضرار بعملية السلام.
ومما يجدر ذكره أن وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك ( في زيارته الأخيرة إلى واشنطن) طلب المساعدة للانضمام لمشروع الصواريخ المضادة الذي تعتبره اسرائيل شرطاً أساسياً في إعادة الضفة الغربية للفلسطينيين.
وقد سبق له أن صرح في مؤتمر صحفي عقد خلال شهر آب في اسرائيل بقوله: لن يتم اي انسحاب من الضفة الغربية قبل إنشاء نظام الصواريخ المضادة في هذه المنطقة, علماً بأن هذا النوع من الدفاع الصاروخي لن يكون جاهزاً قبل سنتين. أما في الوقت الحاضر فإن البنتاغون يعتبر شريكاً لإسرائىل في النظام المصمم لمجابهة الصواريخ البالستية الموجودة في كل من سورية وإيران. وفي الجانب الآخر صرح الرئيس السوري بشار الأسد بأنه يسعى إلى إقامة روابط متينة مع تركيا, وأبدى استعداده للتفاوض مع إسرائيل مذكراً بأن سورية لا تزال تأخذ باعتبارها الرد المناسب على الغارات الإسرائيلية مشيراً بأن هذا الرد لن يكون صاروخاً مقابل صاروخ بل سيكون رداً سياسياً. أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي زار طهران خلال هذا الشهر لحضور مؤتمر قادة الدول الخمس ببحر قزوين. أنه يتعين السماح لكافة الدول القيام بنشاطات نووية سلمية, وحذر من استخدام القوة لحل النزاع الغربي الإيراني حول البرنامج النووي وقد تزامن هذا التصريح مع قيام وزير الدفاع الأميركي روبيرت غيتس بطمأنة المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي في واشنطن لجهة البرنامج النووي الإيراني منوهاً إلى أن منع إيران من تطوير برنامجها النووي وتهديدها لإسرائيل هو من الأهداف الرئيسة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
على الرغم من أن إدارة بوش منقسمة بشأن الغارة الإسرائيلية على سورية, فإن الكثير من المحللين رؤوا في هذا التصرف مجرد اختبار للقوة السورية تقوم بها اسرائيل,وإذ إن الهاجس الرئيس لها وللولايات المتحدة هو وقف تطوير المشروع النووي الجديد في المنطقة.
ويرى محللون سياسيون آخرون أن اسرائيل عاجزة عن القيام بأْعمال عسكرية نظراً لفشلها الذريع في حربها على لبنان, ولن تلجأ إلى المخاطرة قبل تحييد سورية وحزب الله.
في ظل الوضع القائم,ثمة احتمال يقوم على إضافة فقرة جديدة إلى جدول أعمال مؤتمر آنابوليس, تنص على التزام اسرائيل بالانضمام لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية باعتبارها الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم توقع تلك المعاهدة, وما زالت تتهرب من هذا التوقيع تحسباً من العقوبات التي ستفرض عليها في حال عدم الالتزام بها, وإن هذا الأمر, لو نفذ فسيكون له التأثير الكببير على تحقيق السلام في المنطقة.