|
هل هدأت ?! نافذة برلمانية
وفي الجانب الآخر.. ليس من الحكمة أن تخفي الدولة عن مواطنيها هذا الخوف, فقضية رفع الدعم عن المحروقات ليست قضية هينة, فبقاؤها على وضعها أمر مر والمعالجة أمر مر, وكما يقول المثل المأثور (أمران أحلاهما مر). ولكن السؤال المهم هو: كيف ومتى ظهر هذا الخوف عند الحكومة أي كيف وصلت الأمور إلى هذه الحافة الخطيرة, وكأنها عاصفة هبت فجأة لم تسبقها مقدمات, هل كانت مفاجأة فعلا أم أنها كانت من قبل ولم يعلن عنها, ولهذا نقرأ الاستغراب على وجوه المواطنين كافة, أي على من يقرأ منهم الاقتصاد أرقاما ومن يقرأه انعكاسا مباشرا على وضعه المعيشي. يتساءل المواطنون عامة, إذا كانت قضية الدعم ضرورية في واقع اقتصادي صعب, فما الإجراءات التي اتخذت من قبل لمعالجة هذا الواقع الاقتصادي الصعب وقبل أن يتحول إلى وحش يتهدد استقرار المواطن في لقمة عيشه وأحلامه الحياتية وهذا يسجل تقصيرا على الحكومة? على مدى عمر هذه الحكومة العتيدة كانت تنشر أخبارا وردية عن الاقتصاد فتعلن توافد المستثمرين من كل بقاع الدنيا للاستثمار في الاقتصاد والسياحة والصناعة وتنشر بفرح أرقام ارتفاع الصادرات وارتفاع معدلات النمو في الناتج القومي, وفي الموازنة إذ راح يقترب من السبعة في المئة وأن هذا الرقم بحسب قول السيد نائب رئيس مجلس الوزراء ليس من صناعة الحكومة وإنما هو رقم البنك الدولي الذي كان يثير حساسية المواطن السوري طوال عقود والذي أصبح اليوم حجة في الاقتصاد. كانت بشائر عن السياحة.. والصناعة.. والزراعة والاستثمار وكانت سجالات مفاخرة من قبل الحكومة اطمأن لها المواطن ونام قرير العين هنيئا. المهم.. فقد أكد السيد رئيس مجلس الوزراء ونائبه للشؤون الاقتصادية ووزير المالية أمام مجلس الشعب أن الحكومة لم تتخذ قرارا بعد بشأن رفع الدعم جزئيا عن النفط, وأن الأمر مطروح للحوار من الجهات الشعبية والنقابية والتشريعية للوصول إلى قرار نهائي يأتي في مصلحة المواطن والدولة, ويرفع الكفاءة الاقتصادية للوطن والمواطن, وأشاروا إلى أن بقاء الأمر أي بقاء أسعار النفط المستهلك على ما هو عليه سينتج عنه عواقب اقتصادية خطيرة على الموازنة وعلى سوية الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن بدءا من الصحة إلى التعليم إلى الأموال المخصصة لشؤون التنمية المستدامة والمشاريع الاستثمارية. نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية عرض أمام مجلس الشعب واقع الأزمة التي يثيرها موضوع الدعم على المحروقات, فقد أشار إلى أن العبء على الدولة كان محدودا في عام 2000 فقد كان استيرادنا محدودا, والفرق في السعر كان لا يتعدى ثلاث ليرات سورية, فمنذ عام 2003 تغيرت أسعار البترول وتزايدت كمية الحاجة, وقد بلغ حجم الحاجة من المازوت عام 2007 تسعة مليارات ومئتي مليون, ومن المقدر أن يصل عام 2008 إلى نحوعشرة مليارات من المازوت نستورد منها نحو خمسة مليارات ونصف المليار, والباقي تنتجه المصافي السورية مع الإشارة إلى أن كمية النفط السوري في تناقص, وأن هذا المستورد يكلف الدولة نحو أربعة مليارات وسبعمئة مليون دولار مع الإشارة إلى أن ثمن صادراتنا من النفط لا يتجاوز المليارين ونصف مليار دولار , أي إن العجز بلغ مليارين وثلاثمائة مليون دولار, مع الإشارة إلى وجود فائض في عام 2003 بلغ مليارا وسبعمائة وخمسين مليون دولار.. أي إننا نحن الآن نشهد صدمة نفطية من فائض إلى نقص وعجز يصل إلى مليارين وثلاثمائة مليون دولار. والاستهلاك في تزايد وهو غير مرشد وإن هذه الحكومة لا يمكنها أن تقف موقف المتفرج, فالدعم للنفط وبعض المشتقات النفطية يصل إلى ثلاثمئة وخمسين مليار ليرة سورية, ويتابع نائب رئيس مجلس الوزراء أن ما ننتجه من مازوت محلي تصل كلفة اللتر إلى إحدى وعشرين ليرة والمستورد تصل كلفته إلى سبع وثلاثين ليرة, وإلى الآن لدينا فائض قطع أجنبي يصل إلى نحو عشرين مليار دولار وإذا لم نعالج قضية الدعم فسينخفض هذا الاحتياطي من عشرين إلى أربعة مليارات, أي إن كل ما ننتجه سيكون ديناً علينا وسيرتفع التضخم وسيكبر العجز في الموازنة, ووضع الليرة سيكون في وضع صعب, تخيلوا عندها حال الناس وكيف سيكون المستقبل, ويتوجه نائب رئيس مجلس الوزراء إلى أعضاء مجلس الشعب قائلا: إن استمرار هذا الوضع مستحيل, وكان يمكننا أن نرحل هذا الأمر إلى الحكومة القائمة, إنها أزمة تتفاقم ونحن نعرض الواقع عليكم وعلى المواطنين لاتخاذ قرار نهائي. ويتابع: التهريب لا يتجاوز مليار إلى مليار ونصف ليتر سيبقى لدينا تسعة مليارات ليتر, التهريب ليس هو المشكلة, الاقتصاد منخفض الكفاءة في مسألة الطاقة وأسعار النفط تؤدي إلى تشوه في الانتاج, يجب أن يكون استخدام الطاقة كفؤا, سأقول إن ما اقترحناه من أرقام للمعالجة, نؤكد على نقطتين: الأولى إن أي حصيلة ستعود على الموازنة, سيعود منها نحو السبعين بالمئة نقدا على المواطنين والأمر الآخر سيتم دعم الموازنة العامة لدعم أسعار المحاصيل الاستراتيجية ودعم الموازنة الاستثمارية في التعليم والصحة, ليس لدينا موارد لتنفيذ الخطة الخمسية العاشرة, فقد بلغ عجز الموازنة حداً لم تبلغه في تاريخ سورية. بعد هذا الكلام الذي أدلى به السيد نائب رئيس مجلس الوزراء نقول: إن موضوع رفع الدعم يجب أن يعالج ولاسيما بعد أن راحت أسعار النفط تتزايد,بالمقابل يجب أن تعالج قضية ضعف القوة الشرائية عند المواطن بأن يكون هناك توازن بين قدرة المواطن الشرائية والأسعار التي تتزايد بسرعة جنونية, وأن ينعكس النمو الذي يقال إنه وصل إلى قرابة سبعة بالمئة على واقع المواطن من كل الجوانب,والأجور والخدمات والطبابة والتعليم,. وأن تتجه الدولة إلى معالجة قضية البطالة التي تتنامى وتكبر وتعمل على شل حركة المجتمع.. ومن الضروري إيجاد مصادر دخل أخرى كإقامة صناعات بتروكيمائية للاستفادة من نفطنا ومشتقاته, وتدعيم القطاع العام بمعالجة عامة دقيقة تقضي على ترهله والفساد البيروقراطي والمادي اللذين يعششان فيه لا أن نعلن موته بحجة (فالج لا تعالج) لأن هذا القطاع فسد لأن الحكومات المتعاقبة هي التي أوصلته إلى هذا الوضع الخطير ومن الضروري التأكيد على موضوع الاقتصاد الاجتماعي بالفعل لا بالقول فقط.
|