تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صفقة القرن تشرب مياه غور الأردن من فم أوسلو!!

RESEAU INTERNATIONAL
دراسات
الأحد 9-2-2020
ترجمة: محمود لحام

يمكن رؤية تقاطعات مباشرة بين (صفقة القرن) واتفاقية أوسلو، وما آل وما سيؤول تنفيذهما التآمري إلى إنشاء ما يشبه (جيوباً فلسطينية) منفصلة مفككة أبعد ما تكون إلى تسمية الدولة.

كما أن التسلط المهين على الأجهزة الفلسطينية وجعلها تابعة لما يسمى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قد تحول الآن إلى مرحلة جديدة، وهذا ما تطالب به الصفقة التي أطلق من خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تسمية (الدولة الفلسطينية).‏

(صفقة القرن) فخ يصطاد الفلسطينيين في أجهزة (الأمن)، ومن الصعب أن نرى اليوم كيف يمكن أن يستعيد الشعب الفلسطيني ثقته بالحصول على حقوقه والتي تحطمت الآن بالكامل - وإن استعادة ثقة الشعب الفلسطيني ترقى إلى الانتقال من (التنسيق مع إسرائيل) إلى خطة (النضال والكفاح).‏

من الضروري أيضاً استعادة هذه الثقة من أجل الأمل في وضع حد لمعاناة الفلسطينيين، ويجب على القادة الفلسطينيين الذين يرغبون في عرقلة صفقة ترامب إقناع شعبهم بأنه يجب ألا يكونوا راضين عن أي تنازلات أخرى، فبعد كل شيء تظهر تجربة السنوات الثلاثين الماضية أن التنازلات تسهل ببساطة الاستيلاء الإسرائيلي المستمر على الأراضي المستعمرة وإضعاف الناس المحرومين.‏

المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين، شريطة أن تكون جادة وليست وسيلة بسيطة للحصول على تنازلات، لكن خطة المتطلبات الأمنية المفروضة على الفلسطينيين - وهي خطة مباشرة وصريحة لدرجة أنها تصبح مثيرة للاشمئزاز - لا تعكس فقط (الرؤية) اليمينية لبنيامين نتنياهو، ومن الخطأ بسذاجة اعتبار دعم بيني غانتس وإيهود باراك للخطة ليس أكثر من مناورة انتخابية، كما قال باراك في هآرتس، فالخطة (تلبي جميع احتياجات إسرائيل الأمنية).‏

لم يدعم رابين وبيريز يوماً حق الفلسطينيين في تقرير المصير إلى حد أن يصبحوا دولة مستقلة، وتشير الفقرة الثانية من صفقة ترامب، المعنونة (أوسلو)، إلى أن رابين كان يتصور أن القدس ستبقى موحدة تحت السيطرة الإسرائيلية، ومع دمج أجزاء من الضفة الغربية في «إسرائيل» مع عدد كبير من المستوطنين ووادي الأردن؛ سيصبح باقي الضفة الغربية، إلى جانب غزة، خاضعين للاستقلال المدني الفلسطيني فيما سيكون، على حد تعبيره، (أقل من دولة). فكانت رؤية رابين هي الأساس الذي وافق عليه الكنيست على اتفاقيات أوسلو.‏

إن الظروف القاسية في غور الأردن تشير إلى النيات الإسرائيلية المبيتة، فعدد الفلسطينيين هناك (حوالي 80،000، بما في ذلك أريحا) وهو نفسه كما كان في عام 1967، حيث مئات الآلاف من الناس فروا وطردوا خلال نكسة جزيران، بعبارة أخرى، إن الخطوات الكثيرة التي اتخذتها (إسرائيل) من البداية مستوحاة من خطة التهويد، وقد خدمت غرضها ومنعت الشعب الفلسطيني من إعادة البناء، وتم تنفيذ هذه الخطوات قبل اتفاقيات أوسلو وتم تنقيحها لاحقاً مثل تعيين مناطق كبيرة كمناطق لإطلاق النار عسكرياً أو ما يسمى محميات طبيعية، ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى الأراضي الزراعية بالقرب من الأردن، والاستيلاء على مصادر المياه واستنزاف المصادر التي يستخدمها الفلسطينيون، ومضايقة الرعاة والمزارعين، ومصادرة الأغنام وقتلها، وإصدار حظر البناء، ومنع توصيل شبكات المياه والكهرباء، وهدم المباني والبنية التحتية السكنية في كثير من الأحيان.‏

لهذا كله، في السنوات الأخيرة، كان هناك عنف متزايد من البؤر الاستيطانية بمساعدة جيش الاحتلال الإسرائيلي، من قبيل طرد الفلسطينيين من أراضيهم. قلة من الناس يمكن أن تقاوم هذه الظروف القاسية، وبخلاف بقية الضفة الغربية، انخفض عدد الفلسطينيين في وادي الأردن بالفعل.‏

غور الأردن غني بالمياه، ولذلك تحفر إسرائيل الكثيرمن الآبار هناك لإيصال المياه للمستوطنين وللزراعة التصديرية المكثفة؛ يتم ذلك على حساب مياه الشرب للفلسطينيين وزراعتهم. لكن على الرغم من الحوافز المالية، لا يميل المستوطنون بشدة للعيش هناك في ظل الحرارة الشديدة في وادي الأردن، وبالتالي فإن أعدادهم هناك (حوالي 11000) لم تزد كثيراً أيضاً.‏

إن ضم وادي الأردن بحجة الاعتبارات الأمنية من شأنه أن يسمح «لإسرائيل» بتحويل كميات كبيرة من المياه - أي ما يعادل ثلث الكمية التي يستهلكها جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية - لصالح المستوطنين الآخرين.‏

على الرغم من أن خطة ترامب، (صفقة القرن) ليست غبية بل خبيثة، فهو - أي ترامب- يظهر جهلاً وتجاهلاً كبيراً للوقائع، ويتحدث بأسلوب استعماري جديد (للنمو)، متنكراً لتقارير وكالات التنمية الدولية. وهذا يدل على الكثير من المكر - مثل التصريحات المنتشرة بدهاء هنا وهناك حول كيف سيكون من الجيد للأردن والمنطقة بأسرها أن تسيطر (إسرائيل) على غور الأردن وبالتالي تحمي المملكة الأردنية من العناصر المعادية، وهنا يمكن ملاحظة الخطوط المباشرة بين خطة ترامب واتفاقيات أوسلو وتنفيذها الاحتيالي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية