تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إرادة شعب صمم على التحرير والنصر

متابعات سياسية
الإثنين 6-10-2014
دينا الحمد

واحد وأربعون عاماً مرت على نصر تشرين المؤزر المخضب بدماء أبطال الجيش العربي السوري وشعبنا الأبي يحتفل اليوم بالذكرى العظيمة ليس من أجل الاحتفال فحسب بل من أجل التفكر بدروسها وعبرها ومعانيها العديدة وأولها هزيمة المحتل وكسر شوكته رغم جبروته وغطرسته وأدوات إجرامه وكذلك هزيمة أدواته التي يستخدمها اليوم لنشر الفوضى والخراب في ربوع وطننا الغالي .

وهذه المعاني والعبر والدروس يجمع عليها المحللون العسكريون والباحثون في مشرق العالم ومغربه مؤكدين أن حرب تشرين التحريرية كانت أهم محطة مفصلية في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي حيث حقق فيها الجيشان السوري والمصري نصراً مؤزراً على الكيان الإسرائيلي وبرهنا خلالها أن العرب أمة حية وقادرة على الحياة وتحقيق النصر واستمرار الروح الكفاحية المتأهبة على الدوام لمواجهة أشرس عدوان عرفه التاريخ الإنساني والقادرة على صنع المقاومة المؤمنة بقضيتها وعدالة مواقفها.‏

وما يدعم هذه الرؤية أن الانتصارات المتتالية على الجبهتين السورية والمصرية جاءت لتؤكد جملة من الحقائق الثابتة في الميدانين العسكري والسياسي والتي قلبت ما كان سائداً في أذهان صناع القرار في الكيان الإسرائيلي ومن يدعمه في العالم الغربي ومن أهم هذه الحقائق أن الحرب أسقطت أسطورة « الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر» فظهر هذا الجيش ضعيفاً وعاجزاً أمام ضربات المقاتل العربي المؤمن بقضيته ولم تستطع أسلحة الجندي الإسرائيلي المتطورة أن تحقق له أي إنجاز أو حتى دفاع عن احتلاله للأرض.‏‏

وبموازاة ذلك ومع سقوط أسطورة الجيش الذي لا يقهر سقطت أيضاً نظرية الردع الإسرائيلي التي طالما حاول الكيان الإسرائيلي ترويجها عبر عقود من الزمن واستخدامه لسياسات الغموض النووي لترهيب العرب وتخويفهم من القوة الإسرائيلية وأن هذه القوة تملك من الوسائل الردعية التي لا يمكن اختراقها فإذا هي واهية كخيوط العنكبوت وتسقط في أول امتحان أمام إرادة المقاتل العربي الصلبة.‏‏

واستكمالاً لسقوط أسطورة الجيش الذي لا يقهر ولنظرية الردع الإسرائيلي تلاشت أيضاً نظرية الحدود الآمنة التي روجتها إسرائيل كثيراً وحاولت ترسيخها في أذهان مستوطنيها وفي أذهان الرأي العام العربي وقالت إنها تحتل الجولان وسيناء لتحقيق هذه الغاية، فجاءت الحرب لتنسف هذه النظرية وتؤكد أن الذي يضمن أمن الحدود هو السلام العادل والشامل وليس شيئاً آخر سواه.‏‏

وفوق هذا وذاك وإضافة إلى كل هذه النظريات فقد حققت الحرب المظفرة أكبر مفاجأة عسكرية عربية في عصرنا الحديث بعد طول انكسار بدأ بعدوان 1948 وانتهى بعدوان الخامس من حزيران عام 1967، وتلخصت هذه المفاجأة بكونها جاءت في ظل وجود عشرات الأقمار الصناعية الأميركية والإسرائيلية التي ترصد كل شاردة وواردة في الجولان المحتل وسيناء، وبالتالي ظهرت قدرة كل من سورية ومصر في خداع العدو وتنفيذ مئات الإجراءات السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها للتمويه وجعله يظن أن الأمور تسير على الجبهتين السورية والمصرية على ما يرام.‏‏

وأخيراً جاءت الحرب لتعيد للمقاتل العربي وللمواطن العربي ثقته بنفسه وبقدرته على النصر ورفعت من معنويات الأمة عالياً وبالمقابل هزت الجندي الصهيوني من أعماقه وأفقدته ثقته بحكامه وخطط كيانه الفاشلة وأكدت للعالم أنه لا بديل عن السلام العادل والشامل في هذه المنطقة حتى يتحقق الأمن والاستقرار للمنطقة وللعالم، وأن هذا الأمر لن يتم إلا إذا انصاعت إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية وأذعنت لإرادة المجتمع الدولي واعترفت بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وانسحبت من الأراضي التي احتلتها عام 1967، وأن السلام لا يمكن أن يتحقق إلا إذا أدركت الدول الداعمة للكيان الإسرائيلي أن دعمها غير المحدود لهذا الكيان سيؤدي إلى نسف الأمن العالمي من جذوره وليس تحقيق الردع والتفوق واحتلال الأرض وفرض سياسة الأمر الواقع عليها.‏‏

وإذا كانت القوى الغربية وفي مقدمتها أميركا حاولت في أعقاب حرب تشرين التحريرية الالتفاف على نتائجها وتحقيق انتصارات وهمية للكيان الإسرائيلي كما حدث في لبنان والضفة والقطاع فإن دروس حرب تشرين وظهور المقاومة العربية قد نسفت أيضاً كل هذه المحاولات الفاشلة التي ارتدت على الكيان الإسرائيلي هزائم متتالية.‏‏

وما أشبه اليوم بالأمس حيث تحاول القوى الداعمة للكيان الإسرائيلي وفي مقدمتها أميركا لعب الدور ذاته في الالتفاف على النصر السوري والمصري من خلال افتعال المعارك الهامشية ونشر الفوضى الخلاقة وإلهاء الجيش العربي السوري عن معركته الأساسية من خلال نشر الإرهاب ودعمه في سورية دون أن يدركوا أن مؤامراتهم سترتد عليهم وأن النصر دائماً هو حليف الشعوب .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية