تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ذرا النبــل والانتــــماء

مجتمع
الإثنين 6-10-2014
لينا ديوب

لم تغادر ذاكرتنا يوماً صور البطولات التي سجلها آباؤنا وأخوتنا في يوميات حرب تشرين التحريرية، ولم ننس أن عدوا غادرا يقبع على حدودنا لابد لنا أن نبقى متيقظين لمواجهة عدوانه وغدره، لم تقف الحرب علينا يوما وان تغيرت أشكالها من مواجهات مباشرة، الى حصار ،

الى عملاء قد يكونون من بيننا باعوا ضمائرهم ، وسخروا أنفسهم لخدمة العدو بالخيانة ، واليوم تدور رحى هذه الحرب مؤكدة ذلك، لكن أبناءنا الأوفياء الأبطال والذين حققوا النصر في تشرين يعيدونه اليوم رغم صعوبة الحرب وغموضها ، وتعقيداتها، ونحن اذ نقف نحيي شهداء الماضي، نحيي أيضا شهداء اليوم معترفين أن الموت حقيقة مطلقة ولا هروب منها ، لكنّ تحتفظ الذاكرة بقصص لا تختارها، وانما أبطالها يبقون ما بقينا على قيد الحياة،‏

فهناك من يصنع الفرق حتى في طريقة الموت، تعرض الشاشات معارك وقصص استشهاد تقف قلوبنا وعقولنا أمام عظمة وبهاء أبطالها، رأينا ذلك الفرق في أبطال مشفى الكندي بحلب، وفي الفرقة 17وفي كل بقعة كنتم فيها، و في اللواء 93 في الرقة، جنديان قاتلا الارهابيين حتى وقعا في الأسر يقوم احد الارهابيين باطلاق النار على الأول، و يطلب من الثاني ان يقول دولة الاسلام داعش باقية، فيرد الجندي أمام قاتليه رغم كثرتهم ليقول عالياً : و الله لنمحيّا. فندرك أن هناك مَن يُعطي المعاني المتباينة بشدة لحقيقة مطلقة واحدة الموت، رصاصة بالرأس لكل واحد منهم و لا كلمة استعطاف واحدة، أجمل رجال الأرض قتلوا على يد أقبح و أقذر رجال الأرض، واجهوا موتهم شامخين، إنهم يَظهرون المخزون الحضاري والإنساني والشخصي والعقائدي والإيماني ... للإنسان ، أي إنسان . اختار هؤلاء الرجال أن يَمنحوا موتهم صورة ومعنى غاية في النبل والثبات والانتماء ، قمّة في التحدي والمقاومة والعشق ، ذروة في الإنسانيّة والوعي والوحدة ... فكانوا يسيرون إلى الموت دون أن يرف لهم جفن ، أو يرتجف لهم قلب ، أو يهتز لديهم إيمان أو يقين ... كانوا الوطن كلّه في لحظة تحدّ غيرت وجه المشهد ، كانوا المنتصرين في شهادتهم ، والأحياء في موتهم ، والباقون برحيلهم ... كانوا أكبر من الموت الذي ساقته إليهم سحب الظلام ، وأقوى من الحديد والنار ، وأشجع من ظل تخفى خلف بندقيّة ... لم يتوسلوا الحياة من ناس سكنهم الموت ، ولم يطلبوا البقاء من أشباح تخاف الحياة ، ترتجف أمام الإنسان ، تتداعى أمام براءة طفل أو جمال امرأة ... يا إلهي ، لقد قرروا أن يرحلوا معاً ، أن يُكملوا المشوار جنباً إلى جنب ، حتى في لحظة الصعود العظيم، انهم أبهى من قاتل وأبهى من مات، بدمائهم نتمسك بانتصارات من سبقهم من أبطال تشرين، وتبقى سورية الوطن الموحد رغم كثرة الأعداء وقذارة الحرب.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية