فالعرب في حالتهم الراهنة شديدة الوهن هم أعجز من أن يتخذوا موقفاً مكافئاً للخطوة المجنونة التي أقدم عليها (أشقى الناس) أو الإتيان برد فعل يكون على مستوى تطلعات وآمال الشعب الفلسطيني المظلوم الذي تنتظره أيام عصيبة جراء إعلان (صفقة القرن) الجريمة، وهم أعجز ما يكونون عن تحصيل حقّ مسلوب أو تحرير أرض مغتصبة أو ردّ عدوان غاشم.
فالجامعة العربية ليست كياناً يعول عليه في اتخاذ قرارات مصيرية تغيّر الواقع العربي المزري أو تؤسس لواقع عربي مشرف، ولا سيما أن هناك دولاً مطبعة علناً مع الكيان الغاصب ولها أدوار وظيفية تخدم المشروع الأميركي، وثمة دول أخرى تسير بخطا حثيثة نحو التطبيع وهي مستعدة لدفع كل التكاليف الباهظة المترتبة على الصفقة، في مقابل وجود دول محورية مؤثرة مثل سورية تم تغييبها قسراً عن الجامعة كي تمرّ هذه الصفقة ــ الجريمة مثلما مرّت جرائم كثيرة بحق العرب كغزو ليبيا والعدوان على اليمن.
واهمٌ من كان يتوقع من جامعة الذل والخذلان والتبعية أكثر مما صدر عنها بالأمس، فبيان (الإدانة) الهزيل الذي تلاه (أبو الغيط) ــ المعروف تاريخه التطبيعي ــ ربما أعدته إحدى السفارات الأميركية في المنطقة لحفظ ماء وجوه الأعراب المطبعين والمتنازلين عن قضايا شعوبهم وأمتهم، لحقنهم ببعض الشرعية الزائفة التي تطيل أعمار عروشهم وأنظمتهم المهترئة، حيث لا يمكن وصف ما جاء فيه سوى بالمهزلة، إذ ما قيمة التذكير بالمبادرة العربية الهزيلة التي داسها شارون بدباباته بعد ساعات من إعلانها؟.
يعلم القاصي والداني أن منطق القوة والغطرسة هو الذي يحرك الثنائي ترامب ــ نتنياهو ولا سبيل لإفشال مشروعهم العدواني سوى رفع راية المقاومة، فالمجد اليوم لمن يحمل السلاح في مواجهة العدوان، وليس لمن يخوض في وحول الذل والاستسلام..!.