الحرب لم تنته بعد، ومازالت هناك قوى أجنبية متعددة في سورية، وتحديداً في الشمال الغربي، حيث يوجد في محافظة إدلب عشرات الآلاف من المتطرفين ، والعديد منهم ينشطون في منظمات إرهابية على غرار القاعدة.
يتابع هانت : لقد دعا قادة الولايات المتحدة إلى تسوية سياسية ، لكنهم لعبوا دوراً رئيسياً في تأجيج الصراع و الأزمة . كما أنهم حاولوا باستهداف الحكومة في سورية مستندين على استراتيجية البقاء في طريق مسدود. وأمضت إدارة أوباما ، التي صممت هذه الإستراتيجية ، سنوات وهي تزود المتطرفين بالدعم لإبقائهم يقاتلون ضد الجيش السوري بغرض إشغاله كل الوقت، وهو ماأشار إليه فعلاً جون برينان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية خلال العام الأخير من توليه منصبه حيث قال : «ما نحاول القيام به هو التأكد من إبقاء ضغط ما سموه» «المعارضة» على الحكومة السورية، نريد إشغال الحكومة السورية، هذا هو آخر شيء نريد القيام به».
وفي الوقت نفسه عملت إدارة ترامب دوماً على منع استعادة المناطق الواقعة خارج سيطرة الحكومة السورية، ودعم الإرهابيين فيها .ففي الشمال الغربي ، يسيطر الإرهابيون على محافظة إدلب ، وهي معقلهم الأخير والأكبر، فمنذ عام 2015 ، سيطرت مجموعة تابعة للقاعدة تسمى «تحرير الشام» وهي ذاتها جبهة النصرة على المنطقة ، وقد تم استخدامها لشن هجمات ضد الحكومة السورية.
ويؤكد بعض المسؤولين الأميركيين أن إدلب الآن موطن لواحد من أكبر تجمعات الإرهابيين في العالم لدرجة أن روبرت كريم ، مسؤول وزارة الدفاع قال أمام الكونغرس في عام 2018: «لا يوجد خلاف على أن إدلب قد أصبحت عش الدبابير للعديد من المنظمات الإرهابية». ومع ذلك تحاول إدارة ترامب عرقلة عملية الجيش السوري استعادة المدينة مدعية أن أي هجوم كبير سيخلق كارثة إنسانية.
ومن جهة أخرى سعت إدارة ترامب لدعم ما سمي قوات «قسد» في السيطرة على شمال شرق سورية والتي تمثل ما يقرب من ثلث مساحة الجزيرة السورية وهي أكبر نقطة لتواجد الولايات المتحدة في سورية، وهم في الوقت نفسه يواصلون السيطرة على حقول النفط السورية المهمة استراتيجياً هناك.
وتبقي إدارة ترامب قوات لها في سورية لتقسيم البلاد ولمنع الحكومة السورية من إحياء المناطق التي تسيطر عليها وتستخدم واشنطن مزيجاً من القوة الاقتصادية والعسكرية، وعملت لسنوات على إضعاف سورية وعزلها من خلال الحفاظ على مجموعة شاملة من العقوبات التي سبق أن فرضتها الإدارات السابقة على سورية ، وأبقت إدارة ترامب البلاد تحت الحظر الاقتصادي الكامل.
ووفقًا لوزارة الخزانة ، يعد نظام العقوبات الأميركي «واحدًا من أكثر برامج العقوبات شمولية» التي يديرها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية ، الذي يضع العقوبات الأميركية موضع التنفيذ.
بالإضافة إلى الضغط الاقتصادي ، قامت إدارة ترامب أيضاً بحظر مساعدات إعادة الإعمار لسورية. على الرغم من حقيقة أن الحرب قد تركت عددًا لا يحصى من الناس بحاجة الى مساعدات كبيرة ، فإن مسؤولي الإدارة ينشطون في توجيه المجتمع الدولي لمنع أي نوع من المساعدات لإعادة الإعمار في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.
ويعترف حتى مسؤولو الإدارة الأميركية أنهم يحاولون منع سورية من التعافي. وإضافة إلى كل ما سبق، قامت الإدارة الأميركية باتخاذ مزيد من الإجراءات المباشرة، فكانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يشنون غارات جوية على البنية التحتية السورية، حيث شنت أول هجوم مباشر في نيسان 2017 ومرة أخرى في نيسان 2018 . وشنت إدارة ترامب هجمات صاروخية على سورية ، تحت ذرائع أنها كانت استجابة ضرورية للاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية من قبل الحكومة السورية.
من ناحية أخرى ، لم تحرز إدارة ترامب أي هدف من أهدافها في سورية باستثناء إطالة أمد الحرب، ما تسبب في المزيد من الموت والدمار والبؤس. وعن ذلك قال المسؤول الأميركي السابق أنتوني بلينكين في عام 2018 «لقد فشلنا ، والفشل مستمر».
خلال جلسة استماع للكونغرس في أيلول الماضي ، قال السناتور كريس مورفي «لقد حان الوقت كي نعترف بأن سياستنا في سورية قد فشلت على مدار إدارتين مع الاستمرار بتجاهل التكاليف الباهظة التي يتحملها الشعب السوري».