تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رهين المحبسين..يجــــدد مجــــــــد غفرانـــــه..

دائرة الثقافة
ثقافة
الاثنين3-2-2020
من أبي تمام, حيث رائعته (السيف أصدق إنباء من الكتب..) إلى الفراتي الخالد وما قاله في نهرنا العظيم, مرورا بتدمر وزنوبيا وخالد الأسعد فالمعرة حيث «أبو العلاء», عمود الشعر العربي, فيلسوف الشعراء, وشاعر الفلاسفة, كانت معاول الجهل والتخلف والقتل والهمجية ترتفع لتدمر معالم الآثار والثقافة, بأمر ممن لا جذور لهم, وهم طحالب وإشنيات على الثقافة والحضارة العالمية.

‏‏

من آثار العراق التي نهبت, وتم تدمير الذي بقي, إلى كل أثر ومعلم ثقافي وحضاري, كانت الهمجية تفعل فعلها, حطموا تمثال أبي تمام, والفراتي, وآثار تدمر, وتمثال المعري, وظنوا أنهم اجتثوا الحضارة والثقافة العربية, لكنهم كما من يشغلهم باؤوا بالخزي والعار, سيبقى أبو تمام يصدح في فتح عمورية (فتح الفتوح) وللفرات قصيدته الخالدة (ذاك نهر الفرات فاحب القصيدا من جلال الخلد معنى فريدا).‏‏

أما ابو العلاء المعري هل كان يقرأ القادم من الزمن المر, حين قال: هذا ماجناه أبي علي,وما جنيت على أحد..‏‏

نعم كان يفعل ذلك, وهو القائل: إني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل, شاعر وفيلسوف العقل, أقض مضجع الحاقدين بما تركه من أعمال خالدة فكانت جرائمهم بحقه وحق كل فكر ومفكر, ولو استطاعوا لفككوا قلعة حلب حجرا حجرا, وهشموا تمثال أبي فراس الحمداني.‏‏

علامة سورية فارقة‏‏

المعري, الإنسان والشاعر والحكيم, ورهين المحبسين, كما أطلق على نفسه, سوري الثقافة والإبداع, صحيح أنه عربي, لكنه هنا عاش, ومات ودفن, ومن المعرة كانت شهرته تملأ الدنيا, من حلب إلى بغداد, إلى الغرب, فقد ترجمت أعمالهم إلى معظم لغات العالم, ويمكننا بكل سهولة أن نقرر أنه كان صاحب أول رسالة خيال علمي (رسالة الغفران ) وحين كانت سورية تحت الاحتلال الفرنسي, وقد نالت الاستقلال, وليس الجلاء, لم تنس ذكراه الألفية فاحتشد الشعراء والكتاب والمفكرون العرب, وتوافدوا برعاية الحكومة السورية إلى دمشق, وانطلق المهرجان في ثلاث مناطق, المعرة, اللاذقية, حلب, وفي المهرجان كانت روائع الشعراء والكتاب, فمن منا لايترنم بما قاله بدوي الجبل:‏‏

أعمى تلفّتت العصور فما رأت‏‏

‏‏

عند الشموس كنوزه اللّماح‏‏

نفذت بصيرته لأسرار الدّجى‏‏

فتبرّجت منها بألف صباح‏‏

من راح يحمل في جوانحه الضّحى‏‏

هانت عليه أشعّة المصباح‏‏

مصوّر الدنيا جحيما فائرا‏‏

يرمي العصور بجمره اللّفّاح‏‏

هوّن عليك ففي النّفوس بقيّة‏‏

من رحمة و مروءة و سماح‏‏

خلف الخجير و عنفه و لهيبه‏‏

ما شئت من ظلّ و طيب نفاح‏‏

ولاينسى البدوي أن يعاتب لموقفه من المرأة وقسوته عليها:‏‏

إيه رهين المحبسين ألم يئن‏‏

إطلاق مأسور وفك سراح‏‏

أتضيق بالانثى وحبك لم يضق‏‏

بالوحش بين سباسب وبطاح‏‏

يا ظالم التفاح في وجناتها‏‏

لو ذقت بعض شمائل التفاح‏‏

عطر أحب من المنى وغلاله‏‏

بدع فمن وهج ومن أفراح‏‏

هي صورة لله جلّ جلاله‏‏

عزت نظائرها على الألواح‏‏

ما أجوع الحكيم وهمه‏‏

وسع الحياة لصبوة ومراح‏‏

ذهب الغزاة والمستعمرون, وبقي الفكر, وكما طردوا, سوف يطرد الإرهاب ويبقى العبقري, يبقى الفكر المتقد:‏‏

الدهر ملك العبقرية وحدها‏‏

لا ملك جبارٍ و لا سفاح‏‏

و الكون في أسراره و كنوزه‏‏

للفكر لا لوغىً و لا لسلاح‏‏

ذَرتِ السنون الفاتحين كأنهم‏‏

رملٌ تناوله مهب رياح‏‏

لا تصلح الدنيا و يصلح أمرها‏‏

إلا بفكر كالشعاع صراح‏‏

خير العقائد في هواي عقيدةُ‏‏

شماء ذات توثبٍ و جماح‏‏

وكان للجواهري أيضا قصيدة رائعة في المهرجان إذ قال:‏‏

قف بالمعرة وامسح خدها التربا‏‏

واستوح من طوّق الدنيا بما وهبا‏‏

واستوح من طبب الدنيا بحكمته‏‏

ومن على جرحها من روحه سكبا‏‏

وسائل الحفرة المرموق جانبها‏‏

هل تبتغي مطمعاً أو ترتجي طلبا؟‏‏

يا برج مفخرة الأجداث لا تهني‏‏

أن لم تكوني لأبراج السما قطبا‏‏

جريدة الثورة وضريح الشاعر‏‏

بمبادرة من مؤسسة الوحدة (جريدة الثورة) ومنذ أكثر من أربعين عاما, تم اختيار بيت شهير للشاعر ونقشه على لوحة رخامية ووضعه على ضريحه, والبيت هو:‏‏

هذا ماجناه أبي علي.. وما جنيت على أحد..‏‏

ضريح الشاعر حيث أقيم المهرجان فقد أشارت المعطيات والدراسات التي تناولت أمره (إلى انه يعتبر بناء المركز الثقافي العربي بالمعرة من الأبنية الأثرية الهامة والجليلة في مدينة المعرة؛ لما يمتاز به هذا المبنى من طراز معماري فريد غني بزخارفه البديعة. وقد بني في الأربعينيات من القرن الماضي على مساحة قدرها /500/ متر مربع).‏‏

البناء في وسط شارع أبي العلاء، ويطل على الشارع الرئيسي بواجهة معمارية مؤلفة من مدخل بقنطرة مرتفعة ترتكز على عمودين من الحجر، ومن ثم يؤدي المدخل إلى باحة مكشوفة يرى فيها ضريح الشاعر والفيلسوف أبي العلاء المعري ضمن قبر متواضع خلا من الزخرفة والصنعة، علماً بأن هذا القبر هو ذاته القبر القديم الذي رقد تحته الشاعر أبي العلاء المعري، وقد توضّع هذا القبر ضمن إيوان يتجه إلى الشمال وبجانبه مدخلان يؤديان إلى قاعة المكتبة العلائية والتي ضمت خزائن خشبية عرض فيها مجموعة ضخمة من الكتب العلمية والأدبية والتاريخية وغيرها، هذا فضلاً عن مجموعة أخرى من الكتب حوت آثار أبي العلاء وما كتب عنه الأدباء والشعراء).‏‏

ها هو المعري, يستعيد اليوم معرته وغفرانه, وبهمة وسواعد الجيش العربي السوري, سيبقى الوطن شامخا, وتعود للإنسانية قيمها التي قضى المعري عمره منافحا عنها, ولن تخبو شعلة العقل الوضاء من الفرات إلى حلب, من ابي تمام فالفراتي وزنوبيا وخالد الأسعد, وكل شهيد ارتقى لنبقى.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية