تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المرشحون للدفن

المهماز
الأحد 15/4/2007
الكاتب الكبير زكريا تامر

يزخر الوطن العربي بالكثير من القبور, ويحفر كل يوم المزيد من القبور الجديدة لموتاه وقتلاه وشهدائه, ولكنه لا يزال محتاجاً إلى قبور عميقة من نوع خاص يدفن فيها كل ما يبقيه متخلفاً ويحول دون تطوره وتقدمه خاصة أن أرضه مكتظة بمن يستحقون أن يطوح بهم إلى أكثر القبور عمقاً وظلمة بغير تردد أو أسف, أما المقترح دفنهم أحياء أو موتى الدفن العاجل, فهم :

-الجرائد التي تكذب بصفاقة وتضلل بوقاحة, فإذا اضطرت إلى نشر ما هو صادق همت بالبكاء وأوشكت أن تعتذر للقراء راجية أن يغفروا لها فعلتها النكراء.‏

- المحطات التلفزيونية الفضائية ذات الشكل العربي والمحتوى الأجنبي, والتي تتصف برامجها بأنها خليط من مبغى وخمارة وملهى, والزاعمة أنها لا تنصت إلا لصوت الناس المقهورين.‏

-كبار المرتشين وكبار الراشين اللذين هم أشد خطراً من الإيدز, ولو كان وطنهم يملك صوتاً لصاح مستغيثاً تواقاً إلى الخلاص منهم. أما صغار المرتشين, فيستحسن تجاهلهم مؤقتاً لأن معاقبة اللص الكبير كفيلة بتأديب اللص الصغير.‏

-الطلاب الجامعيون الذين يحترمون الأستاذ الدعي المتعجرف السفيه بينما هم في الوقت نفسه يزدرون الأستاذ العالم المتواضع الإنسان ويسخرون منه متناسين أن بلدهم لديه مايكفيه من الرقيق.‏

-الأستاذ الجامعي الذي ينظر إلى بيته فقط على أنه المكان الأصلح لامتحان طالباته الجميلات.‏

-السياسي الأحمق الأبله المغفل المتغافل الذي يعتقد أن الناس ينظرون إليه بوصفه ملاكاً ومنقذاً بينما الناس ينظرون إليه بوصفه وحلاً يمشي على قدمين, وكلما ازدراه الناس آمن بأنه موشك على أن يصبح معبود الجماهير وبطلها التاريخي وقائدها الأوحد, ومن المؤكد أن الناس حالما يظفرون بحريتهم سيحملونه على الأكتاف مثلما يحمل النعش ويقذفون ما تبقى منه إلى حفرة لا خروج منها.‏

-الأغبياء الذين نجحوا في خداع من هم أغبى منهم والانتصار عليهم, والذين يطالبون عباد الله كافة بالاعتراف بهم بوصفهم عقل الأمة المفكر المدبر, ومن يحاول الاعتراض فسيواجه حلفاً بين الغباوة الصلفة والقوة العمياء البلهاء.‏

-السياسي الذي يتنقل من قصر إلى قصر متكلماً عن بؤس الناس دامع العينين مطوقاً بما هب ودب من التحف الثمينة.‏

-الكلاب الحمقاء التي تلتهم اللحم والعظم كل يوم, ولكنها تخشى أن تنبح على الغرباء, ولا تعض إلا أصحابها فقط.‏

-الموظف الحكومي المنتمي إلى أسرة فقيرة, والذي لم يعمل في حياته كلها إلا في الوظائف الحكومية, ولكنه بات من مالكي القصور والفيلات والمزارع واليخوت, ومن مالكي أعلى الأصوات المنددة بالفساد والفاسدين والمفسدين.‏

-النساء المؤمنات بأن الكتابة الناجحة جماهيرياً وفنياً لا تحتاج إلى موهبة ووعي وثقافة بل تحتاج إلى ليل طويل وتجارب شاقة في غرف النوم.‏

-الخوف المتحالف مع الخنوع, والذي صار عضواً جديداً من أعضاء الجسد, ولكنه يختلف عن بقية الأعضاء الأخرى بأنه غير قابل للاستئصال.‏

-الغناء السائد حالياً, والذي ينظر إليه الواعون على أنه طليعة المسيرة الهادفة إلى تعميم التفاهة, والزاحفة من نصر إلى نصر.‏

-النتاج الأدبي الثرثار البليد المضجر الذي لا يستطيع قراءته سوى المحكوم عليه بالسجن المؤبد, وسيرسل الأدب الأصيل نفسه برقية شكر حارة إلى من خلصه مما كان يتعرض له يومياً من إهانات لا تغتفر.‏

-الأفواه التي أدمنت النهب والسطو من دون أن تعرف القناعة, ومن المأمول أن تعرفها بعد أن تُحشى تراباً وطيناً وحصى.‏

-المراؤون الذين يجلسون على مقاعد لا يحق لهم الاقتراب منها, ولكنهم يصولون ويجولون مشمئزين من أوطان غبية لا تقر بنبوغهم وتحلم بأن تقذف بهم إلى القبور بقايا جثث.‏

-الخشب المسندة الملقبة بدكاترة الأدب الذين احتلوا المناصب الثقافية, وأضافوا إلى ساحات الأدب ركاكة وتكلفاً وسطحية وغروراً وتطويراً للتملق والاستجداء.‏

-المعادون لكل ما هو أخضر, وهم أبشع نوع من أنواع القتلة والمغتالين.‏

-الكلمات التي تمدح وتهجو حسب رغبة المستأجر.‏

-المتعلمون الذين كلما ازداد علمهم ازدادت براعتهم في البيع والشراء.‏

-الكراسي التي تذل الرجال المتنافسين عليها, وتجعلهم يرحبون بالهوان إثر الهوان, ويتباهون بتحولهم عتبات للنعال السامية.‏

-المخلوقات البشرية التي تعتقد أن الناس أجمعين هم بخير ما دامت وحدها تتمتع بالحرية والمال والرأس المرفوع.‏

أما المناضلون الأشاوس الذين يحاولون ليل نهار إرغام الاحتلال على العودة إلى بلادهم لتوزيع أغلال الحرية والديمقراطية, فالقبور لا تليق بهم, ومن حقهم أن ينالوا ما يستحقونه من تكريم جديرين به, ولن يتحقق ذلك التكريم المنشود إلا حين يتاح لهم استئناف نضالهم العتيد في أجمل مزبلة من مزابل الوطن متعةً للناظرين وعظةً للمتعظين.‏

تعليقات الزوار

أم رامي |    | 15/04/2007 15:41

مقالاتك أستاذنا الكبير تصلح دواء لكل داء .... وهي أشبه بوجبة الطعام الخفيفة على المعدة والسهلة الهضم .. والمفيدة لكل أعراض التشنجات والتقلصات .... مقالاتك تشرب مع الماء العكرة وإذا وضعناها على الجرح يطيب ..... وشكرا

فيصل  |    | 16/04/2007 00:10

استاذنا الكبير .. كم كنا بحاجة الى هذا النفس الطاهر الحر . الكلمة الحرة هي مقدمة لخلاصنا من هذا الكابوس الذي يحيط بنا وهي كذللك أهم رسالة من مثقف وأديب كبير مثللك . أحييك يأستاذ وإلى المزيد ..

ابو علاء  |    | 16/04/2007 09:33

والله لن يتقدم الوطن ولن يتقدم الا بعد أن نحفر قبورا عميقة وعميقة جدالأمثال هؤلاء تحية للكاتب على هذا المقال

علي -بريطانيا |  a@yahoo.co.uk | 16/04/2007 13:16

شكرا لجريدة الثورة و محرريها لإتاحة الفرصة لنا للتمتع بأدب جميل كلما أقرأ للأديب تامر أسعر بأنه تحدث عما يؤرقني و ما أنا و غيري من أبناء الوطن بحاجة لقوله لكننا لا نملك الموهبة أو الجرءة. تحياتي و دمتم

بدوي المهجر |  badauialmajyar@hotmail.com | 17/04/2007 06:11

حيـّاك َ الله وبيـّاك يا ابن تامر .... حبذا أن تضيف الى من ترشح للدفن .. المزاودين ..(ومساحي الجوخ .)..وما أكثرهم في وطني ... وإن [قيت الأمور على مانحن عليه فالمرشح الوحيد هو(العروبة ).

البحتري |  bohtry@hotmail.com | 17/04/2007 08:21

بصراحة كثيرا ماكنت أفتح موقع جريدة الثورة ولم يكن يثير انتباهي وحماسي أي شي إلا مقالات الأستاذ الكبير صاحب القلم الحر فخر للإعلام السوري بالتوفيق وكلماتك دخلت قلبي دون استئذان

الكويت هلال عون |  hilalaun@yahoo.com | 17/04/2007 12:30

في احدى الجلسات هنا في الكويت العام الماضي تحدث الشاعر والصحفي الكويتي مبارك بن شافي الهجري والروائي والصحفي المصري هشام صلاح الدين تحدثا عن ادب الكاتب الكبير زكريا تامر .. وكان ابن شافي قد اطلع حديثا على الفن القصصي عند زكريا تامر .. فكان في حديثه دهشة سببها ان يكون عندنا قاص متفرد ومبدع وليس لاعماله وجود كاسح ولا متوسط في كثير من الدول العربية .. كان رأي الحاضرين ان زكريا نسيج وحده في صياغة القصة .. وهو كذلك كما ارى لعمق فكرته وواقعيتها واسقاطاتها الممتعة والمؤلمة احيانا ولبساطة العرض المستحيلة على غيره او شبه المستحيلة لما فيها من واقعية وبساطة وتركيز وتكثيف . لذلك نتمنى على الكاتب ان يتحفنا بقصة اسبوعية او نصف شهرية او شهرية مع المقالة او في مكانها مرة في الشهر فنحن بشوق الى ابداعه القصصي

رحاب  |    | 17/04/2007 19:47

استاذنا الكبير مقال أكثر من رائع قد فندت فيه ألمنا ووجعنا في هذا الوطن ولامست الجرح العميق الذي يؤرق المواطن الشريف ولكن مايحزن كم نحتاج الى مدافن.. دمت ودام قلمك متالقا ..

سمير |    | 18/04/2007 11:52

اننا نعاني من امراض مزمنة تعود الى مئات السنين اشدها على الاطلاق هو مرض التخلف العقلي ، واقصد بالتخلف العقلي هو انعدام الوعي وعدم ادراك او معرفة الصح من الخطأ والحقيقة من الخيال ، الحل ليس برمي اثقالنا وتخلفنا على الغير سواء داخلي او خارجي ، الحل ليس بانتقاد الحرامي او الراشي او الكسول ، الحل يكون بمعرفة الاسباب التي آلت بنا الى هذا التخلف ، اريدك يا استاذ تامر ان تقوم بدراسة شاملة وذلك عن طريق انتقاء 10 اسر للدراسة والتحليل ، عندها سوف ترى داخل هذه الاسر المتسلط والاناني والحرامي والغشاشة والمخادعة وكل هذه الصفات التي ذكرتها وتذكرها انت دائمآ ، العلة في الاسرة والاجيال التي تخرج منها من مسؤول الى مدرس الى موظف الى عامل نظافة ، فهؤلاء يأتون من الاسرة والاسرة تأتي منهم ، وفي اي بلد في هذا العالم الحكومة تأتي من الشعب والشعب يأتي من الحكومة . لا اعرف من اين يبدأ الحل ولكن من لاشك فيه ان الحل يبدأ ويأتي من الاسرة . لااعرف من ألوم هل البلدية التي وضعت حواجز او اسوار على اطراف الارصفة لمنع الناس من اجتياز الشارع من منتصف الطريق بدلآ من الاماكن المخصصة لذلك ام ألوم الناس الذي لايعرفون كيف يجتازون الشوارع . لعل الاسرة هي المسؤولة عن كل هذا واذا اردنا الاصلاح فعلينا البدء من الاسرة ، انها مهمة ومسؤولية شاقة وصعبة جدآ وتحتاج الى مئات السنين من العمل الطويل والدؤوب . في البلدان المتحضرة اذا تكلم الطفل فالكل ينصت ويسمع له ويشجعه ويصحح اخطائه بتحضر ان هو اخطا ولذلك يسمون متحضرين التي هي عكس متخلفين ، ولكن في بلداننا فالطفل اذا تكلم في حضرة ابوه او عمه او جده فسوف يكون مصيره الخرس والنوم باكرآ اوالخروج الى خارج الغرفة والعزل لانه قليل الادب ، انها سياسة القمع التي تبدا من الاسرة ولا اعرف كيف سيكون مستقبل والتصرفات المستقبلية لهذا الطفل ان هو ملئ منصب رفيع او متدني وهل سوف يعامل اسرته بنفس الطريقة التي عومل بها عندما كان صغيرآ...بالتأكيد نعم .

ناريمان كمال |  بيروت لبنان | 19/04/2007 20:13

يسلم قلمك يا استاذ ..... انت كبير ومثال يحتذى انتظر كتاباتك بفارغ الصبر ........ وفقك الله وسدد خطاك واطال عمرك ...... كتابات ذات مخزى عميق منمق يدهش ..... الى الامام والله الموفق .

sami |  sami@hotmail.com | 20/04/2007 04:14

صدقت ياستاذ في كل كلمه وخصوصن الصحفيات ممن ذكرت ولااعمم و99 من المرشحين وفي مقدمتهم الأميون .................................................................

د.حسان حربا |  hahrba@aloola.sy | 21/04/2007 01:51

أطال الله عمرك يا أستاذنا الكبير: والله لو دفنا كل هؤلاء, فستنعدم أسباب الازدحام من كل شوارع العالم ,العربي و الغربي, وبالتلي فلن يبقى أي سبب لتلوث البيئة و الازدحام السكاني و غلاء المعيشة. وان حدث ذلك ألا تخشى /أصلحك الله/ أن تفرغ مؤسسات الدولة و دوائرها العصملية من موظفيها؟ وعندها سننتقل من أزمة البطالة الى مشكلة تأمين الكوادر المؤهلة المدربة التي ستشغل تلك الوظائف وسنحتاج لسنين عديدة حتى تتعلم هذه الكوادر أساليب العمل النلجح القائمة على الغش و التزوير و الخداع و الرياء و النفاق , وهذا سيزيد من تخلفنا عن الركب الحضاري الذي يبشر به الرئيس بوش وعنزته رايس , وعندها لن يتورع عن القيام بمغامرة جديدة أكثر حمقا من مغامرة العراق . أستغفر الله لي و لك ولجميع القراء, و أدام الله عليك الصحة و العافية.

عقيل العلي  |  AKILSS@MAKTOOB.COM | 29/04/2007 20:45

والله والذي رفع السماء بلا عماد ان مقالتك يجب ان توضع في برواض وتعلق في كل بيت حتى نقرئها كل يوم لعل كثرة القراءة تعيد النفوس الضعيفة الى صوابها استاذي الكريم تابع في كتابة مثلهذه المقلات الثورية فليس لنا سوى القلم ما يعبر عن الظلم الذي يعني منه شعبنا العربي وشكراً لك

ابو احمد |  adnan.t69@hotmail.co | 20/08/2007 12:48

الف تحية واحترام للكاتب والله يعطيه العافية

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 زكريا تامر
زكريا تامر

القراءات: 14087
القراءات: 7875
القراءات: 7628
القراءات: 9477
القراءات: 8749
القراءات: 8857
القراءات: 8470
القراءات: 11752
القراءات: 8421
القراءات: 7962
القراءات: 9010
القراءات: 9294
القراءات: 8028
القراءات: 7557
القراءات: 9599
القراءات: 8531
القراءات: 8601
القراءات: 9359
القراءات: 11283
القراءات: 7740
القراءات: 7747
القراءات: 11545
القراءات: 7837
القراءات: 7527

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية