دار الصياد واحدة من أهم دور الصحافة والنشر في الوطن العربي.. اقترن اسمها باسم صاحبها الراحل سعيد فريحة.. وقد أصدرت العديد من الدوريات.. الصياد.. الأنوار.. الشبكة.. وغيرها. وشكلت مشروعاً إعلامياً بارزاً في مسيرة الصحافة الورقية في المشرق العربي.
إضافة إلى ذلك فقد كانت مشروعاً استثمارياً اقتصادياً رائجاً ومربحاً، ولا شك أن الراحل سعيد فريحة اعتمد في إدارتها الإعلامية والاقتصادية على أسرته والمقربين.. وبشكل عام.. كان هو الكل بالكل.
الإدارة الشخصية والعائلية للمؤسسات الاقتصادية تنتشر كثيراً في الشرق.. ومنتشرة أكثر في سورية.. منهج لا يعترف بالإدارة المتخصصة المحترفة، إلا بشكل محدود وعلى مبدأ سيطرة المالك الكلية عليها وإخضاعها له.. وبنتيجته، كثيراً ما يقتصر رواج المؤسسة في الشرق ونتائج أعمالها على مرحلة دون أخرى.. لأنه بتراجع أو انسحاب صاحبها لهذا السبب أو ذاك تجد المؤسسة نفسها أمام مأزق حقيقي.. سترون في سورية عدد المؤسسات ذائعة الصيت الني ستقترب من الإفلاس مع رحيل أصحابها الذين أسسوها.
ليس بودي أبداً أن أنفي المأزق الذي يعانيه الإعلام الورقي في كل الدنيا.. لكنني أرى: أن الكثير من تبعات العمل الإداري بين النجاح والفشل يُحمل للإعلام الورقي في المؤسسات الصحفية التي تتوقف عن العمل.. وقد سبقت السفير، الصياد إلى تنكيس الإعلام
أعني أن زمن الإعلام الورقي صعب لكنه يُحمل استحالة ليست دقيقة.. يُحمل فشل الإدارة المتخصصة فنياً ربما وغير المتخصصة بالإدارة.
هكذا عندما اقترب الأجل وبدأ سعيد فريحة يلم شبكته ويغلق جعبته.. كانت مؤسسته ترتج خوفاً من احتمالات المستقبل.. حتى كان الخبر الصاعق..
إغلاق دار الصياد..
من الصعب جداً وغير العادل تحميل المسؤولية عن الوصول بالصياد لورثة المرحوم سعيد فريحة.. لكنه ليس من المؤكد والمحتم أن نهاية الصياد كانت بسبب حالة الصحافة الورقية بمواجهة الإعلام الفضائي والالكتروني!!؟؟.
في لقاء مع ابراهيم الأمين صاحب جريدة الأخبار اللبنانية اليومية.. وردت منه إشارة بعد أن أعلن طلال سلمان إغلاق جريدة السفير، أنه كان يمكن للسفير أن تستمر..! ومن السهل أن يستنتج متابع الحديث أن إغلاق السفير كان لعدم الرضا عن المردود الممكن.. لكن هناك مردود... ممكن.. وإلا كيف تستمر الأخبار نفسها..!؟
عاطفياً وأينما كان موقفي من مؤسسات الإعلام اللبناني.. ومع الاعتراف أنني لم أتابع شيئاً من مطبوعات الصياد منذ زمن طويل.. لكنني أشعر بالحزن العميق على نهاية الصياد مثلما أحزنني أكثر إغلاق السفير التي رافقتها قارئاً منذ تأسيسها وحتى النهاية.
as.abboud@gmail.com