وما أقوله لا يعني بالطبع تنزيه كائن من كان عن النقد , فالاختلاف حق وواجب لنحمي مجتمعنا من التكلس , لكن الاختلاف يعني ضمناً وجود طرف آخر لا يجوز إلغاؤه , فكيف الحال بتخوينه حتى لو ارتكب خطأ أو ربما خطيئة .
أنا من المؤمنين أن سورية تتعرض لمؤامرة , لكنني أجد من السذاجة بمكان اختزالها بسيناريو يتيم . المؤامرة أخطر وأكبر وتهدف أساساً إلى إدخال المجتمعات العربية في دوامة تدمير الذات , فكيف إذا كان المستهدف بلداً يعتبر النموذج الأحلى والأعرق لحالة تتجاوز القبول بالاختلاف إلى تخليقه نموذجاً يحتذى بتحويل التنوع المنهك إلى عناصر إثراء ووحدة وفرادة.
الاختلاف في إطار الوحدة , أهم عناصر القوة في مجتمعنا السوري , ما يستدعي منا جميعاً الحيطة ولجم الاندفاعات العاطفية حتى لو كانت ذات نيات حسنة .
لقد تابعت خلال الشهرين المنصرمين تهماً متبادلة بالتخوين أو بالاستزلام , وهذه للمفارقة أخف وطأة من المطالبة بسحب الجنسية عن البعض , مع الأخذ بالاعتبار أن سحب الجنسية لن يزيد في إيلام من ارتضى الخيانة , إن كان فعلاً قد ارتكبها , لكنها ستعفيه من المساءلة القانونية ومن خطر تقديمه أمام المحاكم الوطنية .
أما إن تحدثنا على المستوى الذرائعي فإن التضييق على من خالف أو اختلف أو أخطأ , يعني إغلاق الباب دون الخطائين ليزداد عويلهم أو عواؤهم بدل ترك الباب موارباً بما يسمح للمخطئين في التوقيت أو في التعبير , بالمرور إلى المساحة المشتركة بين الجميع , أي الرغبة بالفعل والتفاعل لمصلحة سوريانا .
قديماً قيل إن تسمع الصوت الأوحد يعني أن تسمع الصوت الأسوأ , وهذا خطر آخر على بلدنا , أي أن يخشى الغيورون المخالفون والمختلفون على مصلحة سورية من إبداء رأي مغاير تقية من الإلغاء أو الإقصاء .
عندما نستمرئ التهشيم أو حتى التهميش , ستبدأ أرواحنا بالضمور وقد تسرب منها الشعور بالعنفوان .
أن نحب مريضاً خير ألف مرة من أن نصاب بحب ممروض.
dianajabbour@yahoo.com