ونجد هنا من الضرورة بمكان التركيز على جانب غاية بالأهمية وهو ما يتعلق بتفعيل الرقابة والمحاسبة وتكاملية آلياتها بين مختلف الجهات المختصة، بدءاً من الرقابة الذاتية لدى المواطن العادي إلى رقابة المؤسسات والدوائر الحكومية وصولاً إلى الرقابة بكل أصنافها المركزية والمالية وغيرها، بهدف الوصول إلى الاستثمار الأمثل للقدرات والإمكانات السورية المتوافرة وأيضاً إلى حماية الممتلكات الخاصة والعامة على حد سواء...!
ويؤكد ذلك ما أتى عليه السادة أعضاء مجلس الشعب خلال المداولات والمداخلات التي تمت مؤخراً تحت قبة المجلس، وخاصة عندما تحدث هؤلاء وبروح من المسؤولية الوطنية وأشاروا إلى أهمية معالجة مكامن الخلل والفساد التي باتت تكتنف مختلف مواقع العمل والإنتاج، لدرجة حصل فيها إجماع داخل المجلس على ثوابت أساسية تهدف لاعتماد آلية واضحة المعالم للمحاسبة الحقيقية، وعدم التهاون في مكافحة مكامن الخلل والفساد أينما وجد، وأيضا الدعوة بالوقت ذاته للعمل الجاد لإعادة تأهيل الأجهزة الرقابية التي أصابها شيء من الترهل وربما التكلس على مدى السنوات الماضية، والأنكى من ذلك كله أن بعض الجهات الرقابية راحت تستغل الأزمة وتعتبرها غطاء سلبياً، سواء كان عبر تجاهل العديد من الملفات الساخنة واعتبار أن الظرف ليس مناسباً لفتحها، أم من خلال ترحيل تلك الملفات إلى الخطط القادمة وإلى الأشهر وربما السنوات القادمة، ليغطَّ بعدها هذا البعض في سبات عميق عوضاً عن أن يقوم بإعادة هيكلة إداراته وأعماله وبما يوائم ظروف الأزمة والمخاطر المحدقة بالوطن، وبما يعزز القدرة على مواجهة التحديات الناتجة عن الأزمة الحادة التي تعيشها سورية منذ حوالي ثلاث سنوات ...!
وما الجولة التي قام بها السيد رئيس مجلس الوزراء للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش مؤخراً ولقاؤه كوادرها، إلا خير دليل على أهمية التركيز لاستعادة ما افتقدناه من تعزيز الرقابة وضرورة تفعيلها بكل مستوياتها الذاتية والمركزية والمالية وهذا ما أتى عليه السيد رئيس الوزراء عندما طلب من كوادر الهيئة الارتقاء بالعمل الرقابي إلى أفضل حالاته، وأن يشمل ذلك جميع مستويات الرقابة بما فيها مختلف مفاصل العمل الحكومي وخاصة المتوسطة منها والقاعدية باعتبارها تشكل الأساس في انتشار الفساد والخلل، ومن هنا جاءت أيضاً مطالبة السلطة التشريعية الجهات الرقابية ومن تحت قبة المجلس بضرورة تطبيق مبدأ المحاسبة للمقصرين والفاسدين أينما وجدوا، وهنا نتساءل إذا كانت كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية متفقتين على ضرورة تطبيق مبدأ المحاسبة ومكافحة الفساد أينما وجد وحلّ، فمن هي الجهة الثالثة التي تقف عثرة أمام ترجمة هذا التوجه إلى واقع راهن أم أن هناك قوى خفية وطابوراً خامساً يروِّج عكس ذلك ...!؟
ولا بدَّ من التكاملية بالأهداف والآليات للوصول إلى الغاية المنشودة وهي بتر كل أنواع الفساد والتقصير ومعالجة الخلل لأن المرحلة التي تمرُّ فيها سورية اليوم لم ولن تحتمل التهاون بأي نوع من الرقابة والمحاسبة وعلينا جميعاً أن نرتقي بعملنا إلى مستوى الجهد والإنجاز الذي يحققه بواسل قواتنا المسلحة من حماة الديار فهل نتعظ ونفعّل هذا الدور الإيجابي للرقابة ...!؟
ameer-sb@hotmail.com