تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


استثمارات بلا رساميل

منطقة حرة
الثلاثاء 19-6-2012
مروان درّاج

من يقصد الحقول السورية المنبسطة في السهول أو الواقعة على الجبال والتلال , سوف يأخذه مشهد النباتات التي تنمو وبكثافة غير عادية على مدار فصول السنة , وغالبا ما تحمل هذه النباتات بعض المواد الفعالة لكثير من الأمراض المستعصية

على العلاج في الأدوية الكيميائية التقليدية التي أخفق بعضها في تحقيق نتائج من شأنها التغلب على هذا المرض أو ذاك , ومثل هذا الأمر يفسر توجه الكثير من بلدان العالم إلى طب الأعشاب الذي أحدثت من أجله كليات تعليمية ويعترف على شهاداتها العلمية ويسمح للحاصلين عليها بمزاولة مهنة الطب ضمن إجراءات وشروط معينة.‏

للأسف الشديد رغم أهمية ومكانة الأعشاب في الطب البديل , فان المرجعيات الرسمية والخاصة لم تتمكن من استثمارها ولا من صوغ إجراءات وتدابير تنظم عمليات قطافها أو الاستفادة منها , وكل ما نسمع عنه في المنابر الإعلامية ليس أكثر من تمنيات ورغبات , وكل ذلك يأتي في وقت تؤكد فيه الدراسات العلمية أو الصادرة عن وزارة الزراعة أو الصحة , أن سورية تعتبر مركزا أساسيا لولادة ونشوء الكثير من المصادر الوراثية النباتية والبرية المزروعة في العالم , وثمة من يشير من المهتمين إلى أن بعض الشركات الخاصة القادمة من أوروبا وسواها من بلدان المعمورة , كانت وما زالت تقوم بين حين وآخر في القدوم إلى بلادنا للبحث عن نباتات عشبية بعينها بهدف نقلها إلى بلادهم والعمل على زراعتها وإكثارها بعد توفير الظروف الملائمة لها.‏

بعض المطلين على آليات استثمار هذه الثروة المبددة يؤكدون , أن ما يحزن اليوم ليس فقط الاستهتار في توظيف واستثمار كل هذا المخزون من النباتات , وإنما هناك من يقوم عن قصد أو غير قصد في القضاء عليها ويسهم في عدم استمرار نموها بسبب الطرق الخاطئة في عمليات قطافها, إذ بدل الحرص على قطاف الأوراق أو السيقان والأغصان التي يستفاد منها في هذه النبتة أو تلك , ثمة من يعمل على اقتلاعها من جذورها , ما يؤدي إلى غيابها كليا عن الحقل أو المنطقة الزراعية التي تنمو بها في سنوات قادمة , وتترك مثل هذه الممارسات الكثير من البصمات السلبية خاصة لجهة النباتات النادرة التي تستحوذ على مكانة استثنائية في علوم طب الأعشاب , والمؤسف أن كل ذلك يجري في العلن وعلى مرأى ومسمع من وزارة الزراعة , وثمة من بدأ يهمس في السر والعلن , أن بعض الأجناس النباتية بدأت تختفي في بعض المناطق , وهناك من يقولها جهارا في وزارة الزراعة , على أن التناقص في منظومة النباتات البرية بات ملحوظا في عدد كبير من المناطق , ومثل هذا الاعتراف يشير صراحة الى أن الأقوال التي نسمعها حول الحرص على النباتات الطبيعية شيء وعلى أرض الواقع شيء آخر مختلف تماما.‏

رغم الصورة شبه القاتمة لواقع استثمار النباتات الطبيعية , ما زالت الفرصة أكثر من متاحة لاستثمار وتنمية ما هو قائم , وما نعنيه أن بعض المحميات التي يتم الإشراف عليها نسبيا من جانب وزارة الزراعة , يمكن أن تشكل نواة حقيقية لتنظيم استثمار هذا القطاع , هناك على سبيل المثال محميات ما زالت تقريبا على حالها ويمكن السعي للاستفادة منها أو إنقاذ بعض ما تبقى منها , ومنها على سبيل المثال , محمية جبل عبد العزيز في المنطقة الشرقية , وكذلك غابة الشوح والأرز , إلى جانب منطقة رأس البسيط التي تدرج على أنها محمية أيضا. وبما أن المرجعيات الحكومية تعتبر مسؤولة عن تنمية النباتات الطبيعية والحفاظ عليها , يفترض بها وفي ظل التشجيع على مشاركة القطاع الخاص , العمل على إعداد الخطط التي من شأنها تشجيع هذا الأخير على التعاون المشترك, وفي أسوأ الأحوال يمكن العمل على تصدير النباتات كمواد أولية , وهذا التسويق سيعود على الخزينة بعائدات لا يستهان بها , غير أن الأولوية ستبقى ممثلة في إمكان إحداث شركات دوائية محلية للاستفادة من القيمة المضافة ولتوفير المزيد من فرص العمل , خاصة أن الطب البديل الذي يعتمد على الأعشاب يشق طريقه في بلدان العالم بوتائر متسارعة ولا بد من انتقال العدوى إلى ديارنا مهما طال الزمن.‏

marwandj@hotmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

  مروان دراج
مروان دراج

القراءات: 1012
القراءات: 967
القراءات: 989
القراءات: 949
القراءات: 889
القراءات: 973
القراءات: 1182
القراءات: 948
القراءات: 971
القراءات: 1081
القراءات: 889
القراءات: 950
القراءات: 941
القراءات: 1017
القراءات: 1096
القراءات: 1566
القراءات: 1033
القراءات: 948
القراءات: 1049
القراءات: 1045
القراءات: 1122
القراءات: 1095
القراءات: 1149
القراءات: 1221
القراءات: 1113

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية