سنوات طويلة وأبحاث كثيرة تعاني من الإهمال والبعد عن الهدف مع الكثير من التراخي في آلية الاستفادة منها، إضافة إلى عدم الاكتراث للجهود والمصاريف التي يتحملها القائمون على هذه الأبحاث...أين هي المشكلة؟ سؤال طرح عشرات المرات وفي مجالات ومواقع مختلفة ومع ذلك لا نجد أجوبة شافية... بل كثيرا ما نسمع عن أبحاث تكرر نفسها وعن مواضيع أبحاث بعيدة عن حاجات المجتمع والتنمية، وعن أبحاث يكثر فيها الجانب التنظيري على حساب الجانب المعرفي والعملي وهناك الكثير من الأبحاث لم يحصل أصحابها على أكثر من مرتبة الترفع ولم تخرج إلى الحياة بعد انتهاء مرحلة النقاش وخاصة في الكليات النظرية التي ِأصبحت أبحاثها عبئاً على الجامعات أكثر مما هي وسيلة للارتقاء والتطور.
مع ذلك.. فإننا بالوقت نفسه لا نستطيع أن ننفي الحراك الذي شهدته جامعاتنا خلال العامين الأخيرين من ورش عمل ودعم للبحث العلمي بالموارد المالية والتسهيلات والمكافآت التحفيزية ووضع الأولويات البحثية الموجهة نحو ضرورة البناء والتنمية .. ولا ننكر أن وزارة التعليم العالي توجهت بالعديد من التعاميم إلى مجالس الكليات والأقسام لإعداد مشاريع أبحاث ذات أولوية في مجالات التغذية والصناعة والزراعة والمجالات الإنسانية وغيرها مما يحتاجها مجتمعنا اليوم أكثر من أي وقت مضى لأجل الاعمار والبناء. كما توجهت إلى الوزارات المعنية والمؤسسات التي هي جزء هام في عملية تنفيذ هذه المشاريع البحثية والمشاركة في التحضير والتطبيق.
وما يدفعنا للحديث عن هذه الأولويات اليوم هو الحاجة الكبيرة لها، والتأكيد على الإدارات الجامعية والمراكز البحثية لمتابعة المشوار الذي بدؤوه في مجال أولويات البحث العلمي وعدم التقاعس في مجالات نحن قادرون على تصديرها للخارج بدلا من انتظارها جاهزة من الأخرين، والأهم من ذلك هو التخلص من تلك الصورة الضبابية حول أبحاثنا العلمية التي يجب ألا تقل شأناً عن الأبحاث العالمية وهي التي تصدر من جامعات لا تنقصها العراقة.