ولعل أبرز هذه المؤشرات إصرار السوريين على تجاوز الأزمة والنظر لبناء مستقبلهم من خلال البحث عن بوابات العبور الآمنة للمستقبل والتي يشكل الاقتصاد القوي أحد أهم ركائزها .
السوريون الذين قدموا نموذجا ملفتا في الصمود والتعالي على الجراح انتقلوا في سباق مع الزمن إلى مرحلة ما بعد الأزمة في تطلعاتهم لإحياء عوامل القوة في اقتصادهم ، وقد سجلت الصناعة السورية واحدة من أقوى هذه الصور في تعافيها السريع إن لم نقل في امتلاك مقوماتها لإرادة الانطلاق خاصة في العمل على الأرض لجهة عودة تأهيل المعامل والمصانع في المدن الصناعية الكبرى التي تحررت من سيطرة الإرهاب وعادت لحضن الوطن في كل من حلب وعدرا وحسياء وغيرها ، عودة كانت رغم بداياتها مفعمة بالإحساس الوطني بأن عجلة الصناعة يجب أن تدور وأصوات الآلات يجب أن ينطلق ضجيجها لرسم ملامح الحياة الاقتصادية الجديدة .
بالمقابل ثمة حديث مهم عن توازي العمل الحكومي مع القطاعات الأساسية والأهلية المعنية بعودة النشاط الصناعي المطلوب، فثمة ما يقال عن تأكيدات حكومية موازية ، على وجود مشاريع مستقبلية لإحداث 25 منطقة صناعية تنموية في مختلف المحافظات، بما يحقق قيمة مضافة ونموا اقتصاديا ضمن عملية الإصلاح الشامل.
كذلك ثمة حديث جاد وإدراك واضح للمعاني التي تؤكدها عودة النشاط الصناعي والتجاري للمدن الصناعية بما تعنيه من أبعاد بيئية وعمرانية وصناعية إضافة إلى البعد الاجتماعي، حيث تساهم باستقطاب جزء مهم من العمالة الوطنية، مع الإشارة إلى أن(مدينة عدرا الصناعية) وحدها تؤمن فرص عمل لـ 48700 عامل، بينما يبلغ عدد العاملين في المدن الصناعية الأربع، ما يقارب 111 ألف عامل، ما يعكس تنامي هذه المدن وتطورها وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والمعيشي للمواطنين، ويؤكد في جميع الحالات ضرورة الاستثمار الأمثل للطاقات الوطنية والإمكانات المتاحة مع توفر الإرادة المطلوبة والدافع الوطني .