لعل الرجل أدرك حقيقة الجزء الأعظم والأهم مما يجري في سورية, وأدرك كذلك أن لا إمكانية للحوار أو لتنفيذ خطته ذات النقاط الست قبل أن يتوقف الدعم المالي والتسليحي واللوجيستي الذي تتلقاه المجموعات المسلحة من أكثر من مصدر في مقدمتها السعودية وقطر وتركيا, والتي تتولى تنفيذ تعليمات أميركية واضحة لا تخفي نفسها.
مهمة أنان في سورية ومع الدولة السورية سهلة وبسيطة وواضحة, إذ إن من مصلحة الدولة السورية أن تلتزم وقف العنف فورا ويعود الجيش السوري إلى ثكناته في اللحظة التي تتوقف فيها المجموعات المسلحة عن ارتكاب الجريمة المتنقلة بحق السوريين عسكريين ومدنيين, فتلقي سلاحها وتؤول إلى الحوار. غير أن الصعوبة في مهمة أنان تكمن في المراهنة على قدرته, أولاً في إقناع المجموعات الإرهابية ومن يقودها ويوجهها بإلقاء السلاح والذهاب إلى الحوار, وثانياً في لجم مصدّري المال والسلاح إلى هذه المجموعات أي قطر والسعودية وتركيا وإرغامهم على وقف تدخلاتهم, وهذا ما نشكك في إمكانية ترجمته العملية خاصة أن هؤلاء المصدرين, شأنهم شأن المجموعات المسلحة, لا يريدون حواراً أصلاً, ومن ثمّ لا يبحثون عن حرية وديمقراطية وغير ذلك, بل عن تنفيذ أجندات خارجية موكلة إليهم وقد قبضوا أجور تنفيذها سلفاً!
وبطبيعة الحال, فإن الحسابات التي تؤدي إلى الاقتناع بلا جدوى استخدام الإرهاب, وبالتالي لا جدوى المال والسلاح والمرتزقة, هي الكفيلة وحدها بإنجاح مهمة أنان ومساعيه, وهي القادرة على مدّه بقوة إقناع مصدّري المال والسلاح سواء بإلقاء السلاح أو بالذهاب إلى الحوار, وكلاهما يؤدي إلى الآخر حتماً!