مثل هذا التصريح , ولو لم يكن مناسبا للمحطة وسياساتها الإعلامية , وبالتالي , للمصالح الأميركية عامة في هذا الظرف بالذات على الأقل , إلا أنه يكشف وبوضوح تام , الحال الذي تعيشه المعارضة السورية , خاصة الخارجية منها والداعية إلى أي تدخل أجنبي في الشأن الداخلي السوري , ويكشف في الوجه الآخر الارتباك الأميركي والغربي عامة أمام معارضة من هذا النوع , ظهرت في سياق ما يسمى اليوم « الربيع العربي » المعتمد أساسا على حراك الشارع وقواه الشعبية المختلفة, فإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية , وجريا خلف مصالحها ومصالح إسرائيل , مستعدة للذهاب بعيدا في تبني هذه المعارضة وشعاراتها وعناوينها الرئيسة, خاصة ما يتصل منها بقلب النظام في سورية وإسقاطه وفق دعاواها , وإذا كانت الولايات المتحدة كذلك , وبعد أن ظهر لها جليا افتقاد كل أطياف المعارضة السورية إلى الشارع المتناغم والمحرك ... وفقا لسياق « الربيع العربي » إياه , مستعدة أيضا لتسليح هذه المعارضة وعسكرتها , إلا أنها غير مستعدة للمراهنة على معارضة ليس فقط لا يجمعها جامع ولا توحدها قيادة أو رمز أو هدف محدد أو برنامج سياسي ما , بل هي أطياف متناحرة متضادة تفتقد إلى الحد الأدنى الذي يجمع على الأقل بين رموزها الشخصية بعد افتقادها الشارع وحشوده .
وإذا كان أعز أماني أميركا والغرب الأوروبي أن تنجح في إسقاط سورية وتحطيم نهجها السياسي , فإن ثاني هذه الأماني مباشرة هو بلا شك نظام سياسي بديل فيها يوفر لأميركا ولو جزءا يسيرا من مشروعية تدخلها في الشأن السوري الداخلي أولا , ثم يتعهد لها بتوفير قاعدة استقرار وتمدد لمثل هذا التدخل فيما بعد . ومن الواضح أن درجة الحضيض التي بلغها عجز المعارضة السورية الخارجية وغير الوطنية وتفككها مهما اختلفت تسمياتها واجتماعاتها ما بين استنبول والدوحة وتونس , هي الدليل القاطع على خواء المشروع الأميركي وبدايات انهياره أمام صمود السوريين ووحدتهم الوطنية حول قيادتهم وجيشهم الباسل !