فمن المتعارف عليه حسب قانون العرض والطلب أنه كلما انخفض سعر النفط قامت الدول المصدرة بتخفيض كميات الإنتاج كي تعود الأسعار للتوازن والعكس بالعكس، ولكن ما يجري اليوم هو نقيض ذلك، فمقابل كل تراجع في الأسعار ترفض السعودية مناقشة الخفض في الإنتاج وتصر على الزيادة، حتى أصبح سعر البرميل أقرب إلى تكلفة إنتاجه في بعض الدول، غير أن السعودية لم تكن في مأمن من الخسائر، لينطبق عليها المثل القائل «طباخ السم آكله»، لتتجرع من الكأس المرة نفسها التي تحاول تجريعها للآخرين.
ويبدو أن الحماقة السياسية أعيت أصحابها في السعودية فلم يدركوا بعد أن الدول المتحضرة والعريقة لا يمكن تطويعها أو إركاعها وإرغامها على تقديم التنازلات السياسية، فروسيا كما يعرف الجميع استفاقت ونهضت واستعادت دورها وموقعها في غمرة التضييق والحصار الغربي عليها وفي أوج الحرب الباردة معها، وكذلك إيران التي حوصرت منذ انطلاق ثورتها حتى اليوم، ولو كان سعر النفط المتذبذب والعقوبات يؤثران في قراريهما لما استطاعتا النهوض وإحراز هذه المكانة على المسرح الدولي.
السعودية اليوم تشكو عجز ميزانيتها بسبب تدني أسعار النفط، وغداً ربما تعلن إفلاسها إذا واصلت دعم وتمويل الإرهاب على مختلف الجبهات، والسؤال كيف ستكون أحوال طغمتها الحاكمة إذا واصل سعر النفط هبوطه أو إذا استعيض عنه بمصادر أخرى للطاقة، فالمؤكد أنهم لم يعودوا ولم تعد صحراؤهم صالحة للرعي..؟!