وبعد تحقيق مرحلة الاستقلال ومعركة البناء التي خاضتها سورية على المستويات كافة واستغرقت خمسين عاماً ويزيد، بنت خلالها شوامخ وصروحاً حضارية وتعليمية طالت كل الفروع والكليات من جامعات ومعاهد ومدراس ورغم كل ذلك بقيت لغة المستعمر هي اللغة الثانية بعد العربية..
وكلمة مستعمر هناهي أبلغ تعبير ووصف لما نحن فيه اليوم، فنزعة العدوان عادت بحنين السيطرة والسطوة والاستغلال لماضٍ حسبوا أنه قد يعود ويكون لهم فيه موطىء قدم.. لكن هذا الحلم البغيض دفنته سورية تحت أقدام جيشها الذي أصبح أسطورة القرن الواحد والعشرين في الصمود والوفاء والإخلاص.
علماً أن سورية كانت ومازالت وستبقى صاحبة الفضل الكبير على البشرية جمعاء، وعلى لغات الأرض قاطبة كونها أول نبوءة حرف أبجدي خرج من أوغاريتها الساحلي.
والجدير ذكره هنا هو أنه في مرحلة التعليم الجامعي كانت الرغبة العامة عند الخريجين الذين يودون إكمال التعليم العالي من ماجستير ودكتوراه لمختلف الفروع أو التخصص وفق الحاجة والضرورة البحثية كانت الوجهة المفضلة لهم هي روسيا أو دول الاتحاد السوفييتي سابقاً رغم عدم إتقان هؤلاء للغة الروسية؟!..
إلا أن هناك شبه ضمان مؤكد بإقامة همزة وصل وجسر تواصل لأن هذا الصديق الروسي قد احترم اللغة العربية لدرجة أن أغلب السياسيين والخبراء العلميين هم يتقنون العربية ولانبالغ إذا قلنا بطلاقة..
واليوم نجد أن القرار الذي اتخذته الجهات المعنية صاحبة العلاقة باعتماد اللغة الروسية كلغة ثانية في المرحلة الإعدادية قد يكون متأخراً إلا أنه كان صائباً إلى حد كبير، حيث أعاد توجيه البوصلة باتجاهها الصحيح وبما يخدم مصالح البلدين.
فالأصدقاء والأشقاء الروس، أثبتوا وبشكل كبير أنهم يستحقون أن ندرس ونعلم لغتهم في مدارسنا، فما يجمعنا أكثر ممايفرقنا،وهناك مئات الآلاف من الطلبة السوريين والروس أصبحوا بحكم العائلات الاجتماعية.
مع ملاحظة أن مرحلة الفوضى التي فرضت على سورية من كل الاتجاهات وأخلت بموازين أمنها واستقرارها قد تجد بعض الحلول الذاتية إذا ماعرفنا وأخذنا بالحسبان أن الشعب الروسي مشهود له بين شعوب الأرض بأنه يحترم النظام والوقت ويستثمر الفراغ خير استثمار بكل ماهو مفيد ومنتج، وقد يكون اعتماد اللغة الروسية هنا خطوة أولى في طريق المساعدة على إعادة تشذيب هذه الفوضى والحد من سطوتها بحكم أن الشعب السوري يحب الشعب الروسي ويكن له كل الاحترام والتقدير لموافقه النبيلة على الصعيد الرسمي والشعبي خلال هذه الظروف العصيبة وبالتالي يصبح التأثير متفاعلاً ومؤثراً ومتبادلاً.
لذلك ومن خلال ردود الفعل الإيجابية لدى أبناء المجتمع السوري فإننا نثني على هذه الخطوة ونبارك تطبيقها اليوم قبل الغد..