تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مصيدة الطموح

مجتمع
الأحد 12-1-2014
ميسون نيال

من حق كل إنسان أن تكون له طموحات وتطلعات فالطموح صفة إيجابية محمودة لكنها سلبية ومذمومة عندما تكون تطلعات الشخص أكبر وأعظم من قدراته وخاصة إذا كانت تلك الطموحات بلا سقف يحدده الفرد لنفسه فهنا يحصل انعدام بالتوازن بين الواقع والطموح

فقد يتحول الطموح إلى مصيدة عندما يتصور بعض الناس أن الطموح الطاغي هو صيد ثمين يمكن تحقيقه ولكنه يفاجأ بأن هذا الطموح إنما هو مصيدة تصطاد صاحبها ولقد حذر علماء النفس من النجاح الزائف أو المراوغ والذي يفترس عمر الإنسان فيظل متعطشاً للمزيد دون أن يشعر بالارتواء فالإنسان العاقل هو الذي يقول هذا يكفي في الوقت المناسب ويقاوم الأضواء والثروة والجاه والسلطان ويوازن بين ذلك كله وبين ضروريات الحياة وواجباته التي تحقق السعادة الحقيقية .أما الشخص الذي لا يضع سقفاً لطموحاته فهو يعيش معركتين الأولى داخلية مع نفسه في عقله الباطن بسبب أطماعه الطاغية ومعركة ثانية مع العالم الشديدالتغير والمليء بالضغوط ومثل هذا الإنسان الذي يعيش هاتين المرحلتين لا يصل أبداً إلى سر السعادة بل ويمكننا القول إنه يعيش في تعاسة ناتجة عن اتساع الفجوة بين طموحات الشخص وبين قدراته وإمكاناته وإن التعساء يعيشون بعقلية السنجاب‏

الذي يفتقر إلى التنظيم على الرغم من نشاطه وحيويته فهو يقضي عمره في قطف ثمار البندق وتخزينها بكميات تزيد عن حاجتها وضمن هذا السياق يتبادر إلى أذهاننا بعض الجشعين من التجار الذين يستغلون مواطنينا دون رادع ديني أو أخلاقي أو إنساني فمثل هؤلاء الأشخاص طموحاتهم المادية لاحدود لها ولاسقف لها فالاستغلال هو هاجسهم وانتزاع لقمة العيش من أفواه الناس البسطاء هو ديدنهم ناسين أو متناسين بأن القناعة هي الغنى نفسه وهي التي ترفع شأن صاحبها إلى أعلى الدرجات .أما من ابتلي بالجشع مثل أولئك فإنهم لا يذوقون طعم الغنى مهما أتاهم من أموال .‏

وضمن هذا السياق يحضرني قصة صينية قديمة تقول إن ملكاً أراد أن يكافئ شخصاً من شعبه فقال له امتلك من الأرض كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيراً على قدميك فراح الرجل وشرع يقطع الأرض مسرعا ومهرولاً في جنون وبعد أن قطع مسافة طويلة فكر أن يعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها ولكنه عدل عن رأيه وقرر مواصلة السير ليحصل على المزيد وسار مسافات أطول وأطول ثم فكر في أن يعود للملك مكتفياً بما وصل إليه ولكنه تردد مرة أخرى وقرر مواصلة السير على لحصل على المزيد والمزيد وظل الرجل يسير ويسير ولم يعد أبداً فقد ضل طريقه وهلك في الأرض التي ظن أنها ستسعده فأغرته وأغوته حتى سقط صريعاً لما أصابه من تعب وإنهاك فهلك الرجل لأنه لم يضع حداً لكفايته ولم يحدد سقفاً لطموحاته فقتله الطمع وطول الأمل .‏

أخيراً: نأمل أن يعود مثل هؤلاء الجشعين والذين ينتمون إلى وطننا الحبيب إلى رشدهم ويتذكروا أن من يستغلونهم هم إخوتهم وأبناء بلدهم فيعودون عن طمعهم وجشعهم قبل ألا ينفعهم لامال ولا ندم .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية