تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل ينجو العالم من غطرسة واشنطن؟

عن لو غراند سوار
ترجمة
الأربعاء 11-7-2012
ترجمة: سراب الأسمر

بعد اتهام الرئيس السابق للولايات المتحدة جيمي كارتر لأوباما بأنه قاتل, ها هو روبيرتس من إدارة ريغن يعتبر حكومة الولايات المتحدة حكومة مضطربة.

يقول كاتب المقالة بول كريغ روبرتس وهو صحفي واقتصادي ومساعد وزير المالية في إدارة الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغن:حين عينني الرئيس رونالد ريغن مساعداً لوزير المالية في السياسة الاقتصادية قال لي إنه يترتب عليه إنهاض الاقتصاد في الولايات المتحدة لإنقاذها من الكساد التضخمي, لكي تتمكن من توجيه ثقلها الاقتصادي بأكمله نحو القادة الروس لإقناعهم التفاوض لإنهاء الحرب الباردة. وقال ريغن إنه لم يعد من داع للعيش تحت تهديد حرب نووية وهكذا استطاعت إدارة ريغن بلوغ هذين الهدفين إلا أنهما لم يستمرا طويلا، إذ انتهكت الحكومات التي تلت عهد ريغن اتفاقات ريغن-غورباتشيف وأول من انتهك الأمور نائب ريغن وخلفه جورج بوش الذي لجأ إلى إدخال دول الاتحاد السوفييتي السابق في حلف الناتو بالإضافة إلى دروع صاروخية على الحدود الروسية واستمرت عملية محاصرة روسية من جانب الإدارات المتتابعة بتنويعها لـ«ثورات ملونة» تمولها (إنداومنت الوطنية من أجل الديمقراطية). كما حاولت واشنطن تثبيت حكومة في أوكرانيا تعمل تحت سيطرتها وامتد النفوذ الأمريكي إلى جورجيا مسقط رأس جوزيف ستالين إلى أن أصبح رئيس جورجيا- الواقعة بين البحر الأسود وبحر قزوين- دمية متحركة بيد واشنطن حيث أعلن مؤخرا نية اندماج دولته في حلف الناتو عام 2014.‏

وكما هو معروف فإن حلف الناتو حلف قائم بين دول أوروبة الغربية والولايات المتحدة ليحول دون تهديد قبضة الجيش الأحمر على أوروبة الغربية، وباعتبار شمال الأطلسي بعيدا عن البحر الأسود وبحر قزوين فما هو الهدف من انضمام جورجيا لحلف الناتو؟ دون شك تقديم قاعدة عسكرية على أبواب روسيا. ومن الواضح أن روسيا والصين تشكلا هدفا لواشنطن أما في الوقت الحالي فالهدف غير واضح بعد وإن كان يعنى بذلك تدمير الدولتين أم جعلهما عاجزتين عن مواجهة الهيمنة الأمريكية وفي كلتا الحالتين يظل المخرج المحتمل هو حدوث حرب نووية.‏‏

ادعاءات الصحافة الأميركية حول الأحداث في سورية مغايرة جدا للحقيقة «فالمتمردون» السوريون مسلحون بأسلحة عسكرية وهم يهاجمون الجيش السوري، كما أنهم يقتلون المدنيين ويروون لوسائل الإعلام الغربية المغرضة أن الحكومة السورية هي المسؤولة عن تلك الأعمال، وتروج وسائل الإعلام الغربية هذه الدعاية. بالتأكيد هناك من يمول هؤلاء «المتمردين» لأنه من الواضح أنه لا يمكن أن يكونوا اشتروا تلك الأسلحة من السوق السورية، ومعظم الناس الواعية يدركون جيداً أن مصدر هذه الأسلحة الولايات المتحدة ووسطاؤها.‏‏

إذا تعمل واشنطن على إشعال حرب أهلية في سورية كما فعلت سابقا في ليبيا، لكن هذه المرة أدركت روسيا والصين اللعبة وعارضتا قرار الأمم المتحدة. وبهدف تفادي هذه المشكلة حلقت طيارة مطاردة من نوع فانتوم فوق الأراضي السورية، استهدفها السوريون، واستدعت تركيا حلفاءها من حلف الناتو، وبسبب عدم توصل الناتو لقرار بدت واشنطن على وشك شن حرب خبيثة على سورية بحجة الدفاع عن عضو من أعضاء الناتو. ودائما كذب المحافظين الجدد يأتي خلف حروب الهيمنة الأميركية والحجة أن الولايات المتحدة تحمل الديمقراطية للشعوب من خلال اجتياحها للدول وقصفها لها. لم يف الربيع العربي بوعوده الديمقراطية إذ أصبحت العراق وأفغانستان على حد سواء دولتين «محررتين» بفضل الغزوات الديمقراطية للولايات المتحدة.‏‏

فالولايات المتحدة تحمل الحروب الأهلية للدول وهذا على غرار ما حدث في ظل نظام بيل كلينتون في يوغسلافيا سابقا، فكلما تمزقت الدول وعرفت تحديات كلما قويت واشنطن.‏‏

لقد أدركت روسيا في ظل بوتين التهديد الذي تشكله واشنطن بتغذيتها «للمعارضة الروسية» وكذلك إثارتها للتوترات في العالم العربي لا سيما في العراق وسورية، وانصبت هذه الاضطرابات في روسيا حين وجدت نفسها أمام مواجهة مشكلات مع الإرهاب الشيشاني.‏‏

فحين تسقط دولة علمانية تبدأ تصفية الأقليات مما يثير التوترات الداخلية وبالتالي إضعاف الدولة. وهكذا حين تدمر واشنطن دولة علمانية كما هو الحال في العراق وكما تسعى لعمله في سورية، تبدأ بهذا الأطراف المتطرفة بالظهور وتتسابق إلى السلطة، وهذا الأمر يناسب واشنطن وإسرائيل لأن هذه الدول لن تعود معارضة لهما... كما اتضح أنه من الصعب على واشنطن التدخل بشؤون الصين الداخلية وإن كانت أثارت بعض البلبلة في بعض المقاطعات. فخلال سنوات سيسبق اقتصاد الصين الاقتصاد الأميركي وسيصبح الاقتصاد الأول في العالم، هذه الرؤية تقلق واشنطن فعليا إذ انها تجد نفسها عاجزة عن إنقاذ اقتصادها وهي تعيش تحت سيطرة وول ستريت والمجموعات الخاصة الأخرى. ففي واشنطن نجد الكثيرين يدافعون عن مكاسب عمليات كازينو وول ستريت ومكاسب حرب المجموعة العسكرية-الصناعة، والمكاسب التي تحصلها من عدم مركزة الإنتاج وخدمات سوق الولايات المتحدة أكثر من المدافعين عن مستوى معيشة الشعب. ففيما يتراجع الاقتصاد في الولايات المتحدة نجد أنه يزدهر في الصين. لذا جاءت ردة فعل واشنطن على ذلك بالعسكرة في المحيط الهادي، واعتبار جنوب بحر الصين منطقة مصلحة وطنية للولايات المتحدة. هذا وبدأت الولايات المتحدة تتقرب من الفلبين بلعبها دور المهدد للصين وحاولت استعادة القاعدة البحرية في سيبيك باي. مؤخرا، شهدنا عمليتين عسكريتين إحداهما بحرية ردا على التهديد الصيني. أعادت البحرية الأميركية بناء أسطولها في المحيط الهادي وعلى سواحل استراليا واليابان وباتجاه دول آسيا. إذ بنت قاعدة جديدة في جنوب جزيرة كوريا الجنوبية، إلا أن الصينيين ليسوا بهذا الغباء فهم يدركون جيدا نيات واشنطن بمحاصرة دولتهم. بالنسبة لدولة عاجزة عن احتلال العراق بعد ثماني سنوات من غزوها وكذلك على احتلال افغانستان بعد 11 سنة وبنفس الوقت تهاجم قوتين نوويتين يعتبر ضرباً من الجنون.‏‏

فغطرسة واشنطن يغذيها يوميا استعمار جديد، فرغم إخفاقها في العراق وافغانستان إلا أنها لا تزال تهاجم قوى عظيمة-روسيا والصين- فالعالم لم يشهد طيلة تاريخه حماقة كهذه فالمضطربون عقليا واجتماعيا والمخبولون الذين يسيطرون على واشنطن يقودون العالم إلى الدمار. هذا وستشكل الحكومة الأميركية المقبلة أكبر تهديد للحياة على الأرض والأكثر من ذلك أن أكبر دعم يتلقاه مجرمو واشنطن يأتي من الصحافة.‏‏

 بقلم: بول كريغ روبيرتس‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية