تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المنهج الإيراني في التفاوض.. دبلوماسية المضائق!!

شؤون سياسية
الأربعاء 11-7-2012
حسن حسن

ثمة من يقول عندما ترتفع الأصوات المهددة بالحروب وعندما ترتفع رائحة البارود يعني ذلك، أن ثمة فسحة كبيرة للتفاوض قبل التفكير بالضغط على الزناد.

منذ فترة أطلقت إيران العنان لسلسلة من المناورات العسكرية ذات الطابع الاستراتيجي في الخليج العربي،‏

آخرها كانت ذات أوزان ثقيلة لجهة الإحاطات السياسية المرافقة لها، عدا نوعية الأسلحة المستخدمة فيها ومن أهم مارافقها التهديد بإغلاق مضيق هرمز لكن بضوابط وإشارات دبلوماسية لاتخلو من حنكة تفاوضية قادمة تحاول طهران الوصول إليها.‏

ويمكن في هذا السياق رصد عدد من الثوابت في منهج التفاوض الإيراني مع الغرب عموماً وفيما يخص برنامج طهران النووي خصوصاً ولعل العناصر التالية تشكل جوهر هذه الثوابت!‏

أولاً: التعامل مع الزمن كعنصر استراتيجي وتكتيكي في آنٍ واحد، ويتجلى هذا في: التأجيل المنهجي للبت في القضايا المطروحة من خلال مهل التفكير فيها لإعداد مقترحات جديدة تكون موضع مهلة أخرى، وبذلك يتم ربح مزيد من الوقت من خلال طلب إيران لذلك التأجيل كما في حال المهل التي يتطلبها درس المقترحات الإيرانية بالنسبة إلى الدول الغربية.‏

ثانياً: العمل على خلق وقائع جديدة على الأرض:‏

على المستوى الاستراتيجي العام، وفي مجال التسلح الصاروخي على وجه الخصوص وهذا مايمكن لمسه من الإعلان بين فترة وأخرى أن التقدم في صنع أو اختبار أنظمة صاروخية وأسلحة استراتيجية بخاصة إبان المناورات العسكرية التي تقدم عليها لاستعراض قوتها وتهديد أي جهة يمكن أن تفكر في مهاجمتها، وعلى مستوى التقدم في عمليات تطوير برنامجها النووي وتخصيب اليورانيوم والعمل على فرض أمر واقع جديد على الدول الغربية التي عليها أخذه في الاعتبار في كل مفاوضات مستقبلية. وعلى مستوى تحين الفرص الأزمات الناجمة عن الاحتلال الأميركي للعراق والمآزق المتناسلة التي يواجهها الناتو في أفغانستان لتحويل كل ذلك إلى أوراق للاستخدام التكتيكي والاستراتيجي في كل مفاوضات مقبلة.‏

الهدف من هذه التكتيكات هو خلق حالة من القناعة بأن لامجال للتقدم في إيجاد الحلول لهذه القضايا دون قيام إيران بدور أساسي مما يتطلب الاستعداد الغربي لدفع أثمانه تنازلات على مستوى برنامجها النووي، وادماج طهران في كل تركيبة أمنية يراد استخدامها في منطقة الشرق الأوسط.‏

ثالثاً: المراوحة بين التمسك بالمطلب المشروع باكتساب التقنية النووية لأغراض سلمية وبين تقديم نفسها إلى المجتمع الدولي باعتبارها دولة نووية وينبغي التعامل معها على هذا الأساس.‏

وإذا كان الموقف الأول لايوحي بشيء آخر غير البعد السلمي للبرنامج النووي الإيراني فإن الموقف الثاني يدفع باتجاه الإيحاء بأن طهران تملك القدرة العلمية الضرورية في المجال النووي، مثلها في ذلك الهند وباكستان دون أن تذهب في ذلك بعيداً، بل إن تصريحات المرشد الأعلى السيد علي خامنئي وغيره من قادة إيران الذين يفتون بعدم جواز امتلاك السلاح النووي تهدف إلى طمأنة الغرب بأن طهران لاتملك إلى حد الآن، هذا السلاح وأنها لاترغب في امتلاكه أصلاً، انطلاقاً من معتقداتها الإيديولوجية الخاصة لاخوفاً من الغرب بخاصة أن هذا الموضوع يدخل في إطار السيادة الإيرانية.‏

رابعاً: نهج أسلوب تصعيد نبرة الخطاب السياسي وتحويله إلى نوع من الوعيد والتهديد المستمر للغرب و«إسرائيل» عشية انطلاق أي محادثات حول برنامجها النووي على مستوى مجلس الأمن الدولي أو على مستوى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو على مستوى المفاوضات مع الدول الكبرى الست، وهو ما أصبح بمثابة لازمة في الخطاب السياسي للرئيس محمود أحمدي نجاد وعدد من المسؤولين الإيرانيين.‏

خامساً: محاولة الحفاظ على مجمل الأوراق السياسية التي تملكها كلياً أو جزئياً في المنطقة والعمل على تفعيلها بالشكل المناسب، وفي الوقت المناسب بخاصة في العراق ولبنان وفلسطين.‏

إن حسابات الحروب وإشعالها مكلفة جداً وبالعادة تقضي على مصير دول لعقود بأكملها، وطهران خبرت هذه الحسابات وتعلمت منها الشيء الكثير بعد حربها مع العراق 1980- 1988 وأبرزها فن الاستفادة من التفاوض للوصول إلى ماتريد بأقل الأثمان الممكنة هددت بإغلاق مضيق هرمز وهي تتحضر للجلوس على طاولة مفاوضات خبرتها طويلاً وتعرف كيف تديرها في وقت تمتلك أذرعاً سياسية خارجية وحتى عسكرية في غير مكان من النظام الإقليمي العربي الذي بات مفككاً بفعل ضغوط الفواعل الإقليمية فأين نحن العرب من قضايانا؟!.‏

بالأمس سوداننا قسم واليمن قاب قوسين أو أدنى وعراقنا ليس أحسن حالاً وحراكنا السياسي مازال في مهده يكافح مازلنا نحن العرب نجهل كيف نتعاطى مع أبسط قضايانا فيما غيرنا يتفنن في الاستفادة من أبسط الإمكانات للوصول إلى طاولة المفاوضات، ثمة أشياء كثيرة ينبغي ترتيبها من بينها معرفة ماذا نريد؟ وكيف نريد؟ ومتى نريد؟ وفي الحالات الثلاث نحن العرب غائبون عن هذه الدنيا ومافيها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية