ولأننا في زمن السمسرة واقتناص الفرص لم تعد الدهشة تنتابنا عندما يلحق ببعضنا حيفٌ من هذه الجهة أو تلك حتى ولو كانت إحدى مؤسسات قطاعنا العام الذي عهدناه عوناً لنا لا مصدراً لأعباءٍ لم تعد كواهلنا قادرة على حملها .
فها هي جامعة دمشق وانطلاقاً من شعار ربط الجامعات بالمجتمع تقيم كعادتها دوراتٍ تأهيليةً لكل طامحٍ من طلاب الشهادة الثانوية لدخول كلية الهندسة المعمارية بإشرافٍ مباشرٍ من أساتذتها ،وضمن مراسمها مع فارقٍ بسيطٍ وهو وصول الرسم إلى ثلاثة آلاف وخمسمئة ليرة لقاء تدريبٍ لخمسة أيامٍ فقط من التاسعة صباحاً وحتى الثانية ظهراً متجاهلين أن السواد الأعظم من أبناء مجتمعنا الحريصين على ربط أنفسهم فيه هم من أصحاب الدخل المحدود ، ومبلغ كهذا لا يكسر ميزانية أسرهم فقط بل يعدمها خاصةً إن اضطروا لإعادة الدورة ضماناً للاستفادة منها أو استجابةً لنصيحة مشرفٍ حريصٍ على ضمان النجاح .
والمؤسف أن الراعي لهذه الأنشطة نقابةٌ يفترض أن أحد أهدافها حماية مصالح المنضوين ضمنها وهم طبعاً ليسوا معلمين فقط بل أيضاً الطلاب والعمل على تيسير أمورهم التي اعتدنا أن تكون موضع استغلالٍ من القطاع الخاص ومراسمه لا جامعاتٍ حكوميةٍ دراسة الطالب فيها لعامٍ كاملٍ بين رسوم تسجيلٍ ، وكتبٍ لايتجاوز رسم هذه الدورة . واقعٌ يخالف تصريحات المعنيين في هذه الوزارة بتأكيدهم الحرص على إبقاء التعليم العالي ديمقراطياً ومجانياً وهو أملنا جميعاً مع لحظ ومتابعة كل من يحاول الالتفاف على هذا الحق وتجييره لخدمة مصالحه وتطلعاته .