إضافة إلى العديد من الصعوبات التي تواجه الشباب في إحساسهم بانتمائهم لوطن محصّن وقادر على منحهم قدرة اقتصادية واجتماعية مناسبة هذه العناوين بتفاصيلها المهمة أشار إليها الباحث الدكتور هاني الخوري في محاضرة له حول تحديات التنمية والشباب العربي في ثقافي كفرسوسة بدعوة من جمعية نادي الإحياء العربي حيث أشار إلى الواقع المتردي الذي يعانيه الشباب يعود إلى وجود مأزق كبير للتنمية في المجتمع( مؤسسات مترهلة- إنتاجية محدودة-مدن ذات سكن عشوائي كبير- ومشكلات اقتصادية واجتماعية وتربوية مختلفة) كما لا يوجد مؤسسة تربوية حقيقية في الأسرة أو المدارس أو الجامعات ، وأضاف د. الخوري:( نحن الآن أمام جيل شاب يفكر بكل أنواع الرفاهية ، ولكن لا يعرف كيف يبني نفسه
ومقدراته بشكل فاعل، لذلك هو بحاجة لأن يعتمد على الأهل لفترات طويلة لأنه لايستطيع أن يبني مؤسسات اقتصادية واجتماعية كبيرة وواسعة قادرة أن تعطيه الأمل في الاستقلال اجتماعيا واقتصاديا ، هذا المأزق موجود في مختلف الدول النامية - والعربية بشكل خاص- التي لم تستطع أن تطرح نموذجاً تنموياً اقتصادياً اجتماعياً قادراً على تحديث القوانين والاقتصاد وقادراً على بناء أجيال قوية).
وأكد الباحث أن افتقارنا في مجتمعاتنا إلى برامج تشغيل حديثة أدى إلى تحول الشباب إلى مشكلة وهي مشكلة البطالة وتساءل عن سبب المشكلة رغم التنوع الاقتصادي والحيوي في بلدنا والبلدان العربية الأخرى ، وتمنى أن تكون هناك خطط في المستقبل تستوعب كل هذه الأعداد الكبيرة من الشباب.
وأضاف د. الخوري:(لابد من القول أن الجيل الشاب غير منظم ولم يحدد هويته بعد، على الرغم أن كل أساليب التربية تقول لنا بأن الأطفال الآن هم أكثر ذكاء من الأجيال الماضية ، كما أن الإنسان يفقد (80- 90 %) من مرونة تفكيره وذكائه خلال مراحل مختلفة في إعداده حتى في الدول المتقدمة فكيف في نظم تعليمية محدودة الجانب الآخر هو أن الشباب شخصية وكيان مختلف وله تنوع في الاحتياجات ونحن كثيرا ما فرضنا عليه نمط التعليم ونمط العمل لذلك هو لا يشعر بانتمائه لمؤسسة محددة ).
مؤشرات
وقال : إن مختلف المجتمعات التي استطاعت أن تقدم شيئا للشباب هي المجتمعات التي استطاعت أن تخاطب عقل الشباب فأميركا مثلا في الخمسينات عندما كانت تعاني من تحديات الوطنية(أو الشعور بالمواطنة) قدمت أكثر من (1000) إذاعة و(6000) منشورة متخصصة في عالم الشباب، لكي تخاطب كل سن على حدة بتوصيف محدد وضمن تلاعب بين أرضية الرياضة والفكر والثقافة والنوادي الاجتماعية و آلية تشكيل النشاط الاجتماعي ، لتخلق كياناً ذي خصوصية للجيل الشاب يستطيع أن يعبر به عن رأيه من وجهة نظرة كل حسب عمره دون أن يتبنى قضايا أكبر من حجم سنه واحتياجه الطبيعي في المجتمع،فاستطاعت أن تفرز مشكلات المجتمع بناء على الصيغة العمرية ، و أن تقدم خدمات وآليات تنظيم و خطاب خاص وثقافة خاصة بكل مرحلة عمرية .
وأكد الباحث الخوري أن الشباب هم الشريحة الأوسع (50 % أو 60% من السكان تحت سن العشرين) في سورية وبلدان الوطن العربي وبالتالي هم المتضرر الأكبر من ضغوط الحياة والمعيشة وهناك إحصائيات تقول بأن الطالب في سورية يكلف وزارة التربية سنويا حوالي 200دولار ، في حين نجد في بعض المجتمعات المتقدمة بأن تكلفة السنة الدراسية بكل خدماتها تصل إلى 8000 دولار .
وختم د. الخوري حديثه بالقول:( نحن اليوم أمام تحد من نوع خاص هو بقاء الوطن والحفاظ على كرامته وهناك أزمة سياسية فكرية تتخطى واقع التحديات التنموية والأزمة التي تخص واقع الإصلاح والتي تكمن في الإصلاح الإداري والتنموي وتطويره في مجتمعنا ، التحدي الأكبر هو كيف نحمي الوطن ونعيد بناء مؤسساته ، كيف ندفع هذا الجيل الشاب أكثر لكي يفكر معنا بوطنية ويدرك ما هو الدور الحقيقي الذي يجعله منتجاً وفاعلاً بشكل إيجابي ومتفاعلاً مع القضية السياسية لذلك يجب أن ننطلق من واقع الخطاب الإعلامي والحراك السياسي القائم في مجتمعنا و أن نُسرِّع من كل الخطوات الإيجابية التي تجعلنا ننظر بعمق للواقع الاجتماعي ، ويجب أن ننقل للشباب الهم الوطني ونقنعهم بأن الكل اليوم معني بمواجهة التحديات الخارجية وأن هناك اتجاه نحو مسؤولية الإصلاح وبناء الوطن حتى لا تقع شرائح واسعة في آليات تفكير تقليدية كأن تتمسك بالتزمت والطائفية أو أن تفكر بعاطفة دينية ، ولا بد من الحوار كي نقدم للشباب مفاهيم جديدة ولا بد من مؤسسات تقدم لهم العون الاقتصادي و الاجتماعي والتنموي لجعلهم يندمجون سريعا ويشعرون بانتماء حقيقي لمشروع وطني واحد .