استطاعت المسرحية ان تجسد تراجيديا عربية قديمة لضياع الحقوق العربية والتفريط بها على مر التاريخ من خلال استعراض تاريخي لسقوط جملة من المدن والممالك منها ضياع الاندلس وسيطرة الاسبان عليها بعد نزاع عرف وقتها بحرب ملوك الطوائف التي فرضت اتفاقية استسلام سقطت على اثرها غرناطة بعد ثمانية قرون شهد فيها العالم بحضارة العرب...
تعرضت المسرحية لسقوط كل من بغداد على يد المغول، وحلب على ايدي الاخشيديين والقدس على ايدي الصليبيين.
جسد الفنان زيناتي قدسية دورا جوهريا في (طبق الاصل) بربطه بين الاحداث الدائرة عبر قصائد للشاعر محمود درويش.. وتمكن قدسية باداء رفيع المستوى التدليل على عمق المأساة العربية من خلال شخصية بدت اقرب الى شخصية الراوي الشعري الهائم بين قبائل تاريخية متناحرة.. فيما العدو يتربص بها الدوائر ويكيل لها الهزيمة تلو الهزيمة..
كما نجح مخرج العرض في ادارة مجاميع كبيرة على خشبة المسرح مؤلفا بين الشعر والغناء والرقص متكئا في ذلك على غزارة المأساة وفداحتها حيث ادى كل من الفنانين (حسان عمراني وهيلانة الحلبي) مقطعيات صوتية من الموشحات الاندلسية والتراتيل الكنسية.. تقاطعت مع غنائية رثائية عالية في حواريتها وتوازنها البصري.
استمر كفارنة في طبق الاصل بمواصلة اسلوبية اخراجية لطالما عمل على تأصيلها في عروضه السابقة عبر سيادة الطقس على مكونات العرض المسرحي والارتفاع به من الحوارات الدرامية الى مصاف قصيدة مشهدية شعرية غنائية تسعى الى تدجين الشعر مسرحيا وزجه في عمق الصراع الدائر بين الشخصيات بعيدا عن الانشاءات الاستعراضية بل التركيز على الطاقة الوجدانية الملحمية للغة العربية القادرة في اعمال كفارنة على انتزاع نكهتها الفنية الخاصة وتسويقها كمعادل نهائي لفن مسرحي احتفالي.