تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سليمان العيسى ورغيف التنور الذهبي

كتب
الأربعاء 22-2-2012
يمن سليمان عباس

الحنين إلى مرابع الطفولة شدّ شاعرنا الكبير سليمان العيسى إلى النعيرية حيث النشأة الأولى وشجرة التوت والوالد والأهل ورفاق الطفولة، يفتح خزائن الذاكرة ليقدم لنا صفحات من رحلة العمر.

كتابه الجديد الذي أعده قبل مرضه وصدر حديثاً عن اتحاد الكتاب العرب يحمل عنوان «النعيرية..قريتي».‏

النعيرية والشاعر:‏

قدمت للكتاب الدكتورة ملكة أبيض: النعيرية تعني للشاعر كيف تعلم في كتاب والده الشيخ أحمد العيسى وكيف كان ينوب عن والده في مذاكرة التلاميذ في غياب الوالد.‏

إنها تعني الصندوق الذي كان الشيخ أحمد يحتفظ فيه بكنوزه من المراجع العربية الثمينة في الأدب واللغة.. إنها تعني نهر العاصي الذي كان يهرع للسباحة فيه بعد انتهائه من واجباته...وشجرة التوت التي تعلم كيف يقطف أوراقها الخضر ويقطعها ليغذي دود القز الذي تربيه أسرته وتبيعه للحصول على بعض المال.‏

تعني شجرة التين التي يتلذذ بثمارها طوال الصيف ويجففها على بساط من القصب لفصل الشتاء.. تعني أشجار الزيتون التي يشارك في التقاط حباتها المتساقطة ثم في قطافها وإعدادها مؤونة للشتاء...تعني البقرة والخروف اللذين يقدمان بعض الرفاه للأسرة..تعني العصافير التي كان ينصب الكمائن لاصطيادها مع رفاقه الصغار والفراشات التي كانوا يطاردونها والشبابة وليالي السهر والأعراس.‏

منزل الشاعر وخيمته:‏

ثم تعرج الدكتورة أبيض للحديث عن منزل الشاعر وهو على نهر العاصي، منزل صغير مؤلف من طابقين بنته الأسرة بنفسها مع مساعدة الأهل وفيهم بعض التلاميذ السابقين للشيخ أحمد، صحيح أنهم عملوا بدافع الحب والاعتراف بالجميل لكنها كانت تقاليد القرية أيضاً تقضي بأن يتعاون الجميع وقت الحاجة.‏

كانت خيمة الشاعر الصيفية في قلب شجرة التوت وعن ذلك يقول:‏

كتبت قصائدي الأولى‏

بطل التوت والتين‏

من العاصي....‏

من الأشجار...‏

من صوت الحساسين‏

ومن موّال فلاح‏

يغني في البساتين‏

سرقت النغمة الأولى‏

بدأت بها تلاويني‏

كان الشاعر مديناً لوالده بمسيرته الشعرية ذلك الشعور عبر عنه في أكثر من قصيدة ونص نثري ومماقاله:‏

وأنا في الدار تعلمت:أستاذي الرائع كان أبي‏

جوَّدت على يده القرآن‏

وحفظت، حفظت عن العرب‏

قصصاً، وقصائد كاللهب...‏

أما والدته فكانت امرأة بسيطة أمية كجلّ نساء عصرها وبيئتها على أنها كانت تعوض ذلك بالحب الذي كانت تحيط به الأسرة والجهد لتوفير ماتحتاج إليه:‏

حلوة الطلعة كانت‏

تعمر الضيعة حباً‏

لم تكن تقرأ أو تكتب‏

كان العلم صعباً‏

عوضتنا عنه قلباً‏

يسع الدنيا محباً‏

إنها ابنة الريف التي لاتتعب‏

قصائد نثـرية:‏

هذه هي اللوحة الشعرية للقرية، لكن ماذا عن اللوحة النثرية، يرى الدكتور عبد السلام الكبسي إن في بعض نثر سليمان العيسى «قصائد نثر» ولو لم يطلق الشاعر عليها هذه التسمية.‏

تتناول القصة النثرية مشاهد رئيسية من حياة الطفل الشاعر في قريته «النعيرية» وفي مدينة أنطاكية حيث ذهب إليها للالتحاق بالمدرسة الإبتدائية.‏

وتبدأ مشاهد القرية بمنازل حارته «بساتين العاصي» التي لم تكن تتجاوز العشرين، مبنية من الأحجار الصغيرة والطين مسقوفة بجذوع الأشجار اليابسة.‏

كانت الفصول تتعاقب على القرية الفقيرة، يأتي الشتاء بأمطاره الغزيرة فيخوض الصغار في الطين، ويأتي الربيع فتكتسي البساتين بالعشب والخضرة وتمتلىء حافات الدروب الصغيرة بألوان غريبة من الأزهار البرية، وكانت شقائق النعمان أقرب هذه الأزهار إلى نفس الفتى الصغير وأحبها إليه.‏

رغيف أمي:‏

عن رغيف أم محمد (والدته) يقول: في الشتاء فصل البرد والمطر، تصنع أم محمد أرغفتها المستديرة البيضاء داخل البيت على(أثفيةٍ) تعلوها قطعة مستديرة من المعدن الرقيق نسميها الصاج.‏

ولم تكن أرغفة الصاج المستديرة البيضاء أقل متعة لنا.. الرغيف الذي كنا نتناوله في البيت على مدار السنة مصنوع بيدنا كان يتألف في الغالب من الذرة البيضاء والقمح، إنه مزيج لابد منه لكل أبناء القرية الذين كانوا يزرعون القمح والذرة البيضاء ليكون منها رغيفهم المنتظروعماد حياتهم الأول.‏

ولكن ..كيف كنا نصل إلى رغيف التنور الذهبي أو رغيف الصاج الأبيض المستدير؟ تلك قصة معروفة لاأحب أن أعرضها هنا، قصة الحرث والزرع والحصاد والعرق.‏

إنها جزء لايتجزأ من طفولتي ، طفولة هذا الشاعر الصغير الذي كتب القصيدة وشارك في صنع الرغيف وهو دون العاشرة.‏

محطات في حياته‏

ولد الشاعر العيسى عام 1921م في النعيرية الواقعة غربي مدينة أنطاكية.‏

تلقى ثقافته الأولى على يد أبيه الشيخ أحمد العيسى.‏

بدأ بكتابة الشعر في التاسعة من عمره.‏

شارك بقصائده القومية في المظاهرات والنضال القومي الذي خاضه أبناء اللواء ضد الاغتصاب وهو في الصف الخامس.‏

غادر لواء اسكندرون بعد سلخه ليتابع مع رفاقه الكفاح ضد الانتداب الفرنسي.‏

دخل السجن أكثر من مرة بسبب قصائده ومواقفه القومية.‏

يحسن الفرنسية والإنكليزية إلى جانب لغته العربية ويلم بالتركية.‏

كان من مؤسسي «اتحاد الكتاب العرب» في سورية عام 1969.‏

حصل على جائزة لوتس للشعر من اتحاد كتاب آسيا وافريقيا عام 1982.‏

حصل على جائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الكسو» لأدب الأطفال عام 1984.‏

حصل على جائزة الإبداع الشعري مؤسسة البابطين عام 2000‏

‏

الكتاب: النعيرية قريتي - المؤلف: سليمان العيسى - الناشر: اتحاد الكتاب العرب- دمشق‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية