هذا ما عجزوا عن تحقيقه في اسطنبول وباريس والدوحة وبعض عواصم الدول المتأسرلة والمتأمركة، لكن أولئك مصرّون على الوقوع في أوحال المؤامرة وغمر رؤوسهم تحتها، ربما لأنهم أدركوا أن بقاءهم فوق الأرض سوف يسبب لهم المتاعب والإحراج، وستلاحقهم أرواح الأبرياء التي أزهقوها أينما كانوا وكيفما اتجهوا.
مؤتمر ما يسمى «أصدقاء» سورية، الذي سيعقد بعد غدٍ الجمعة في تونس آخر صرعات تلك الدول المتحالفة ضد سورية، وربما سيكون آخر اختراعاتهم وذلك نتيجة اصطدامهم بجدران مرتفعة وأبواب موصودة، حيث هدفهم صعب المنال.
والمثير للسخرية أن المؤتمرين يدّعون صداقة سورية ويتوجب عليهم حمايتها، وهم ألد أعدائها، لأنهم يعرفون ويحرفون، ويرون ويتعامون، ويسمعون الحقيقة ويكذبون، ويتجاهلون أن قصصهم وتلفيقاتهم لا تنطلي على العقلاء من السوريين الذين أدركوا منذ اللحظة الأولى للعاصفة التي ألمّت بهم أن ثلة من الحاسدين لا تريد لبلادهم الخير، وهاهم أولئك يجتمعون ويتحاورون ويتباكون لتكرار السيناريو الليبي والعراقي والأفغاني وغيره، ويجهدون أنفسهم بقرارات واقتراحات مرة تتضمن العقوبات ومرة أخرى المساعدات وقوات حفظ «السلام» ومرة الممرات الإنسانية، كمن يعوم في بحر هائج وفقد كيفية الوصول إلى الشاطئ.
وما يدعو للأسف أن كل هذا الظلم يشارك فيه أناس يفترض أن يكونوا أشقاء، ويفترض أيضاً أن يأخذوا بتقارير بعثة المراقبين التي أرسلوها وأكدت وجود جماعات إرهابية مسلحة تريد ارتكاب الجرائم ونشر الفتن وتعميم الفوضى في الأرجاء السورية الآمنة، كما يفترض أن تقرأ وتصدق أن التنظيمات الإرهابية التكفيرية تتغلغل في هذه الأرجاء للقضاء على كل ما حققته سورية من تقدم وازدهار خلال العقود المنصرمة، وبالتالي بدل أن يجتمع أعداء سورية لإيجاد طريقة لمواجهة الإرهاب الذي حرصت سورية على مكافحته، يلتقي حلفاء الشر على المزيد من العدوان وحبك المكائد، متناسين التطلعات المشروعة للسوريين التي تتضمن الحرص على أمنهم وأمانهم وحرية قرارهم وسيادتهم والحفاظ على وحدة أراضيهم.