أكثر مما سقط قتلى في صفوف الجيش الأميركي, وبلغ عددهم 430 مقابل 418 جندياً . وبالتأكيد إن هذا الرقم هو أكبر بكثير, نظراً لأن هذه الشركات غير ملزمة بالإعلان عن عدد القتلى في صفوف المستخدمين لديها . وهذا ينطبق أيضاً على عدد الجرحى , حيث تتجاوز أعدادهم بكثير أعداد القتلى . والغالبية العظمى من المرتزقة الذين قتلوا العام الماضي في أفغانستان يعملون لصالح البنتاغون , والآخرون يعملون لصالح وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية (الوكالة الاتحادية للتنمية الدولية , وهي عسكرية بحكم الأمر الواقع ) .
وتؤكد هذه المعلومات أن عدداً متزايداً من المهام , التي كانت تؤديها في السابق القوات المسلحة الرسمية , تؤديها الآن الشركات العسكرية الخاصة. وطبقاً للبيانات الرسمية , يعمل في أفغانستان لصالح البنتاغون 113 ألف مرتزق من الشركات الخاصة , بينما يبلغ عدد الجنود الرسميين الأميركيين 90 ألف جندي.وتبلغ نسبة الأميركيين في صفوف تلك المرتزقة 22% وهناك 31% ينتمون إلى بلدان مختلفة بينما نسبة الأفغان ضمنهم فهي 47% .
ويبلغ عدد المرتزقة العاملين لصالح البنتاغون ضمن منطقة القيادة المركزية الأميركية , والتي تشمل العراق أكثر من 150 ألف مرتزق . ويضاف إليهم المستخدمون لصالح إدارات أخرى ولصالح الجيوش الحليفة , وهؤلاء يبقى عددهم غير معروف , ولكن بالتأكيد عدد مرتفع . ويوفر وجود هؤلاء المرتزقة احتكارات القلة من كبرى الشركات , المعروفة باسم الشركات المتعددة الجنسيات . ومن أهم تلك الشركات وأكثرها تأهيلاً , شركة اكس أي سرفيس , والمعروفة سابقاً باسم بلاك ووتر , والتي توفر ( الحلول المبتكرة ) لحكومة الولايات المتحدة الأميركية وحكومات أخرى . وهناك أيضاً شركة دينكورب الدولية, التي تعرف نفسها بأنها ( مؤسسة عالمية متعددة الأوجه) وتتخصص تلك الشركة في تطبيق القانون وحفظ النظام وعمليات الاستقرار. وقد تراكمت لدى تلك الشركة الحربية المغفلة والبالغ عدد مستخدميها بالآلاف خبرات واسعة في العمليات السرية, ومنذ أعوام الثمانينات ساعدت تلك الشركة نيابة عن وكالة الاستخبارات الأميركية السي أي أيه اوليفر نورث في توفير السلاح لعصابات الكونترا في نيكاراغوا , وخلال أعوام التسعينات , ودوماً نيابة عن وكالة الاستخبارات الأميركية دربت تلك الشركة ووفرت السلاح لجيش تحرير كوسوفو في كوسوفو. وتشارك تلك الشركات في مجال الاتصالات العسكرية وبناء القواعد , وتوفير الأمن وكذلك استجواب المعتقلين .
وكثير من المقاولين هم من القوات الخاصة وأجهزة المخابرات , والبعض الآخر يؤدون وظيفة حراس شخصيين ومترجمين وفنيين في الخدمات اللوجستية . ومع ذلك ينتمون جميعاً إلى جيش الظل الخاص الذي يقدم الدعم إلى الجيوش الرسمية التي تبني هيكليتها بشكل متزايد على هيئة قوات خاصة , تنفذ عمليات تتسم أيضاً بالسرية .
ومن خلال هذا المنظور تسري استراتيجية الخصخصة , والتي تم من خلالها تخريب المال العام لصالح النخب الاقتصادية والمالية المحتكرة في أيدي من يمسكون بالسلطة الفعلية على الحرب أيضاً. وميزة هذه الاستراتيجية أنها تأخذ مسارها في الدم , مثل نهر صلصالي يجري تحت الأرض من أجل حفظ ماء الوجه وعدم إثارة قلق الرأي العام في كبرى الديمقراطيات الغربية . وما لم يتم خصخصته هي نفقات الحرب التي تُدفع من الأموال العامة , الأمر الذي يزيد الديون التي تنعكس سلباً على الغالبية العظمى من المواطنين . إنهم مرغمون على دفع تكاليف ( الحلول المبتكرة) لشركة بلاك ووتر .
بقلم : مانليو دينوتشي