تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هم خارج الحدود .. ونحن داخلها

مجتمع
الثلاثاء 10-2-2015
أيدا المولي

استفزتني جموع الشباب التي تهاجر بطرق غير مشروعة إلى خارج البلد واستفزني أكثر هجرة الشاب الذي ليس لأمه وأبيه سواه اللذين يقولان له نحن لانريد منك شيئاً لكن نريد منك عندما نموت أن تفتح بيتا للعزاء وتستقبل المعزين فلا أحد سواك...

كم كانت هذه الجملة جديرة أن تحترم للشباب الذين لم يعيروا لهذا الكلام انتباهاً وسافروا خارج البلد دون أن يعرفوا موعداً زمنياً للرجوع في نفس الوقت أفرحني جدا مقولة هذا الشاب ذي ال18 عاما : الهجرة ليست جميلة وهي كلمات رغم بساطتها الا أنها تحمل مدلولات كبيرة خاصة أن هذا الشاب منذ سنتين كان يحلم باللجوء الى بلد آخر كما فعل صديقه الذي هاجر الى بلد آخر مع عائلته ,‏

ماذا تغير ؟‏

كان يتواصل مع عدد ممن هاجر ويقرأعبر مواقع التواصل عن حياة السوريين في البلاد الباردة أنهم سعداء وكل شيء بخدمتهم ودون أن يعملوا شيئاً, وأنهم ملوا من كثرة إنارة الكهرباء ومن وجود ماء دائم من الصنبور وإنهم لايسمعون أصوات الرصاص, وأنهم يعيشون الجنة هناك منذ سنتين وهو لايكل من وصف حالتهم لكنه فجأة قال : الهجرة ليست جميلة . قال له صديقه المهاجر هازئاً : ماقصة الامتحان لديكم اذا أثلجت يؤجلون لكم الامتحان ؟؟ أما نحن فيرسلون الباصات إلينا ونذهب لتقديمها .‏

لم يشعر الشاب أن هذه ميزة بل اعتبرها قسوة واعتبر أن تأجيل الامتحان هي نظرة موضوعية بالنسبة لما اعتاد عليه الطلاب من أجواء بلادهم المتوسطية وأن هناك طرقات مقطوعة لايستطيع الجميع تجاوزها أما هم فقد خصص لهم مكان أو أمكنة محددة يأخذونهم متى أرادوا ويجلسونهم متى أرادوا أيضا , نحن لنا كل الوطن وكل المساحات أما هم فلهم بعض الهوامش من الأرض الغريبة .‏

هذا الاستهزاء بالرغم من أنه من باب المزحة الا أنه أعطى أبعاداً كثيرة لابن ال18 سنة أولها شعوره أنه ليس مستأجراً بل مالكاً لوطن بأكمله .‏

ولأن هذا الشاب من النوع العاطفي فقد قال - لن أجد كل من أحب من أقربائي ,لن أجد هناك لاجد ولاجدة , لن أستيقظ على صوت العصافيرمن نافذة غرفتي في شجرة البرتقال وهي تدوي بمهرجان صباحي ولن أرى وجه أمي وأبي وأخوتي .‏

أعرف أنكم ستقولون هذه الرومانسية ليست لهذا الوضع الذي تعيشه سورية , وستقولون الآن :ها أنت لم تعد خائفاً من صوت المدفعية ورصاصها‏

أجيب قبل أن يبدؤوا بالهجوم على أفكاري :أني عندما التقيت صدفة بأصدقاء لأسرتي وقد هجروا من منازلهم وأن أطفالهم الصغار مصابون بالرهاب من أدنى شيء يصدر صوتا عاليا ، وأنهم فقدوا كل ما يملكون ومع ذلك وجدوا لأنفسهم مأوى آخر بمواصفات سيئة جدا عدا عن غلاء ثمنه , ومع ذلك لم يستطيعوا ترك بلدهم تقول لهم لماذا لاترحلون الى الخارج فيجيبون : الى أين نذهب ؟لايسترنا غير وطننا‏

يقول : ماهذه العزيمة التي تبقي هؤلاء في وطنهم ؟ وماهذا الشيء الذي يغري أولئك بالرحيل ودفع الملايين مقابل ذلك ؟‏

ينهي قائلاً : نحن لن نكون أقل عزيمة من هؤلاء ولانريد من الغرباء أن يحرموا هؤلاء العجائز منا ولانريد أن يموتوا حسرة على ولد شقي لم يحسب حساباً للزمن القادم...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية