لدرجة جعلت عبد الوهاب يعترف فيما بعد أنه استفاد من بعض المقطوعات الموسيقية الغربية، ويذكر ان اليونيسكو اصدرت، خلال حياة عبد الوهاب، نشرة تفصيلية أوضحت فيها أشهر اقتباسات عبد الوهاب من الموسيقا العالمية. والمعروف ان عبد الوهاب كان في مطلع العشرينيات يأتي إلى حلب وينزل في احد فنادقها، ويسأل عن أسطوانات بعض رموز الموسيقا والغناء في حلب، وكان يحمل تلك الأسطوانات معه إلى مصر ليسمعها، وليقتبس منها ايضا.
إلا ان الشيء غير المعروف حتى لدى معظم الباحثين الموسيقيين، أن عبد الوهاب غنى بصوته بعض الموشحات الحلبية الشهيرة، والتسجيل موجود في مكتبتي الموسيقية لمن يطلبه، وقد يكون من أندر ماغنى عبد الوهاب. والضليعون في الموسيقا يؤكدون تأثر عبد الوهاب بالشيخ سيد درويش، لكنهم يؤكدون أيضاً بأن الإضافات الهادرة التي قدمها عبد الوهاب شكلت نهجاً ذاتياً ضخماً، ومدرسة فنية موسيقية أدائية مختلفة ومغايرة للمطروح والمألوف والسائد، بل مختلفة تماماً لما وضعه سيد درويش نفسه. ومع ذلك يعترف عبد الوهاب أيضاً أنه درويشي، والذين أسعدهم الحظ بالاستماع إلى بعض أعمال سيد درويش بصوت عبد الوهاب وعلى عوده اكتشفوا فهمه العميق لأعمال أستاذه، حيث أظهر مكامن الجمال في تلك الأعمال.
ولقد استفاد عبد الوهاب من ألحان فريد الأطرش، وكان من اكثر المعجبين بها، واستعاد بعض إيقاعاتها في بعض جمله الموسيقية الشهيرة، وهذا ما أكده الباحث د. سعد الله آغا القلعة في برنامجه التلفزيوني (حياة وفن فريد الأطرش) الحلقة السادسة. حتى ان عبد الوهاب اعترف أيضاً بأستاذية فريد ووصفه بأنه مطرب خطير. وهكذا كان عبد الوهاب يعبر عن إعجابه بأي جملة موسيقية إذا رأى فيها جديداً، وكان قبل أي شيء «جنيناتي» بارع يعرف كيف يختار من كل بستان زهرة ويعرف أكثر من أي ملحن آخر كيف يعيد تشكيل تلك الزهور وتنسيقها من جديد.
adibmakhzoum@hotmail.com