تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


شعراء من هناك ..حاضــــرون بيننــــا

فضائيات
السبت 12-11-2011
منهل إبراهيم

الشعر والشعراء كيانان هائلان يسكن أحدهما الآخر ويسعيان لبعضهما البعض سعي الطيور إلى أوكارها ...فالشاعر يولد شاعراً وورم الشعر السليم يجتاح عقله وقلبه ويزرع بذوره الأدبية في داخله لتكبر وتنمو مع الأيام حتى إن لم تتوفر التربة المناسبة ...

فالشعر ينبت في أشد الترب ملوحة وفي فسح من الحياة يمسك بها شظف العيش وضنكه كما يتعلق الصغير بثوب أمه بقوة وثبات .‏‏

‏‏

هو التاريخ دائماً يزخر على مر عصوره بشعراء من العصر الجاهلي وما تلاه في صدر الإسلام وفي العصرين العباسي والأموي وما صدحت به حناجر الشعراء المعاصرين حيث الأسماء كبيرة لها وقعها ووزنها ، وتعلقنا بها ورسوخها في أروقة عقولنا يظهر في أدق تفاصيل حياتنا اليومية حين نطلق العنان للأمثال والحكم والافتخار والتشاؤم والحزن والفرح والهجاء والمديح والرثاء والحماسة والتفاؤل بالنصر وغير ذلك .. فكم ترنمنا بشعر امرىء القيس والنابغة وعنترة و الحطيئة  والمتنبي وزهير وجرير والفرزدق والأخطل وأبو فراس الحمداني والبحتري  وأبو العتاهية والأخطل الصغير وشوقي وحافظ إبراهيم وسليمان العيسى ونزار قباني وبدوي الجبل ومحمود درويش و سميح القاسم  وغيرهم ...ومن يستطيع أن يغفل تلك المعلقات الشعرية في العصر الجاهلي التي كتبت بماء الذهب وعلقت على جدران الكعبة لما تحتويه من معاني وحكم وجمال ماهو أغلى وأثمن من الذهب ومائه .‏‏

شاعر من هناك برنامج  بفكرته الجميلة والضرورية والجديرة بالاستمرارية على فضائية الشارقة يسافر مع جمهوره إلى عصور مختلفة عائداً مع شاعر يبعثه حياً معنا من جديد لنعيش معه لحظات حية ومباشرة كشخص ماثل أمامنا يلقي شعره الذي حملته متون الكتب إلينا فذهل له عقلنا وفتحت له أبواب قلوبنا .‏‏

الشكل الدرامي في البرامج الأدبية الشعرية يشكل أسلوباً مميزاً ورائداً وسلساً لاستقطاب الجمهور المهتم والمتابع ويشكل عامل جذب حتى لغير المهتمين ،وهذا ما اعتمده برنامج (شاعر من هناك) بذكاء لشد المشاهد من خلال استحضار شعراء عرب من عصور مختلفة وإجراء حوارات شعرية معهم عبر احتمالات وجودهم أمامنا وبالتالي وضع أسئلة في شكل شعري منظوم يقومون بالرد عليها بشعرهم المنثور في دواوينهم ويقوم بتجسيد شخصية الشعراء ممثلين تسند إليهم هذه الأدوار  ...وما نتمناه نحن كمتابعين أن يكون انتقاء هؤلاء الممثلين في تكوينهم الجسدي والنفسي ومقدرتهم اللغوية مدروساً ليأتي أداء الممثل في تجسيده لشخصية الشاعر متناسباً مع وصل إلينا من أخبار تروي عن صفات تلك الشخصيات من النواحي النفسية والجسدية والسلوكية... والتركيز على عامل اللغة وإعطاؤه القوة  أمر ضروري حتى لا نستحضر شخصية قوية اللغة والنطق ونقدمها( من خلال ممثل متعثر بلغته)  للمتلقي بمنطق لايليق بها ويضعفها ،فاللغة هي الوعاء الكبير الحافظ لتاريخنا من الزوال والاضمحلال ولا مبرر للتهاون في هكذا برامج تعنى بالأدب والشعر وتمرير أي مشهد يقصر عن اللحاق بمستوى الشخصية التي يتم تجسيدها ولو في الحدود الدنيا فلا أحد يستطيع بلوغ الكمال في تأدية مثل هذه الأدوار لتلك  الشخصيات الفذة ولكن من الواجب الاقتراب من ملامحها قدر الإمكان وحسب المستطاع حتى لانظلم أنفسنا ونظلم الشعراء الذين نحبهم معنا manhalebrahim@yahoo.com ">.‏‏

manhalebrahim@yahoo.com ‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية