تشخيص العلّة يتوه ما بين قرابة مكانية و أخرى عائلية .. بالحالين النتيجة واحدة . إلا أن للوراثة تأثيراً أقوى و أجدى .. فتفعل فعلها .. لأن الداء يكون حينها متجذراً .. لا يُلغى ولا يُمّحى بمجرد تغيير المكان .
ذهنية ( الأكشن ) تبدو ملحوظة في غالبية أفلام تبثها محطات ال( mbc ) . مؤخراً اعتمدت هذه العائلة الفضائية عرض أفلام من هذا النوع و غالباً بعد منتصف الليل نشراً لثقافة تريد تعميمها ، عن طريق التسلل المتعمّد الراصد لوعي المتلقي .
لا تكتفي بعنونة إحدى محطاتها باسم ( أكشن ) و تزويدها بنوعية برامج مصارعة معظمها إن لم تكن بمجملها مفبركة .. مصنوعة خصيصاً لتصدّر لبلدان تحتضن .. ترعى .. و تُقبل على هكذا فضائيات ..
إنها آلية تصنيع ذهنيات ( مدسوسة ) .. لكنها ( مهنْدَسة ) على أصول تخدّر الوعي و تخاطب العواطف و الغرائز لا أكثر .
حينها .. يخلو لها ( الجو ) .. فتعمل على طريقة طرش السوق – الشاشة – بنوعية برامج ، أفلام ، مسلسلات محددة .. إما تسطّح الفكر أو تثير المكبوت .
و ( خبايا ) لا ينطلق أبداً خارج سرب هذه ( الأكشنة ) التي هي غاية و لو تمظهرت بكذا مظهر و بدّلت جلدها مرّات و مرّات .
للدقة .. لا يبدو ( خبايا ) فيلم ( أكشن ) طويلاً فحسب ، إنما سلسلة تسعى صيد عناوين فاقعة احمراراً .
بطلها سعود الدوسري الذي يخاطر في كل حلقة مقدّماً عرضاً ، أو استعراضاً في ( الوثب العالي ) .. يُرينا مهارته في القفز من على خطوط حمراء يختارها أساساً لبرنامجه .
على سبيل المثال ، يغوص في أحد عروضه نكشاً لشبكات تجارة الأعضاء .. و أخيراً يقف عند أكثر درجات الأحمر إثارةً .. محاولاً تقديم دنيا السياحة الجنسية في العالم العربي .
و هنا يؤكشن الدوسري على مراحل :
أولاها : من خلال العناوين الجريئة ظاهرياً ، البرّاقة ، و التي توظّف خطوة أولى جذباً لجمهور تربّى على طريقة ( أكشنة mbc ) و لو كانت فارغة من أي محتوى جدي و حقيقي قادر على مخاطبة ذي عقل .
ثانيها : أسلوب الإخراج الذي يراوغ المتلقي .. يدغدغ رغباته .. درءاً لهشاشة المضمون .
فماذا يعني أن يتم تدخيل مشاهد تمثيلية .. حشواً و ملئاً لحلقة تدّعي السير على طريقة التحقيق الصحفي ( الخَبْطة ) لكن المصوّر تلفزيونياً .
أيضاً اتباع سبل التشويق عبر خلق إيهامات مشهدية .. التلاعب بالصورة .. تمويه الوجوه .. إضافة اللون الأسود و الأحمر .. تمويج مكونات الأشياء المعروضة في كادر الكاميرا .. مع مؤثرات موسيقية تدعم طقوس ( الأكشن ) المفبركة .
مع كل هذا يرتفع عيار الأجواء البوليسية ، التي يلعب فيها سعود دور المحقق .. يسأل أفراداً يشاركونه حفظ الأدوار عن ظهر قلب .
الأهم من هذا و ذاك أن معظم ضيوف الدوسري يطلبون إخفاء معالم وجوههم ..
و السؤال هنا .. ألا يؤدي عرض هؤلاء بطريقة ( مموّهة ) إلى سحب المصداقية من تحت لا أقدامهم فحسب إنما من تحت أقدام مخاطبهم الذي يعتبر نفسه خائضاً مغامرة غير محسوبة العواقب و كأنه ، على قولهم ( سحب الديب من ديلو ) .