ومن المعروف أن للإعلام بشكل عام والفضائي بشكل خاص دوراً مهماً في هذا المجال، وكثيراً ما يقدم وجبة كاملة وغنية إما من خبرات وتجارب الغير، وإما نتيجة تراكم في معارف الوسائل الإعلامية التي تعد حاملاً مهماً للرسالة الإعلامية التي تتبناها هذه القناة أو تلك.
قناة الدنيا الفضائية باتت إحدى أهم القنوات في عالم البث الفضائي نظراً لما تقدمه من برامج سياسية واجتماعية ومنوعة، وتميزت بكثير من الخطوات خلال الفترة الراهنة، ومن هذه البرامج التي تقدمها القناة، بلعبة ورق وهو برنامج ترفيهي يستضيف في كل حلقة 3 ضيوف من المشاهير, و يحاول معرفة الجانب الإنساني و الخاص بكل منهم عن طريق ألعاب متعددة, بحيث نكتشف شخصية الضيوف و أفكارهم بطريقة غير مباشرة, من خلال فقرات البرنامج، ويعرض البرنامج في العاشرة إلا ربع مساء يوم الجمعة, و تتم إعادته يوم السبت في الثالثة ظهراً.
البرنامج من حيث الفكرة والمبدأ جميل بلا شك، حيث يقربنا من هؤلاء النجوم والمشاهير ويجعلنا على مقربة منهم، حيث نتعرف على طباعهم واهتماماتهم وما يفرحهم ويزعجهم، كما يجعلنا نطلع على جزء من أسرارهم وخصوصياتهم، ولكن إلى حد ما.
لكن مع كثرة البرامج الترفيهية أصبح من حق المشاهد البحث عما يقدمه هذا البرنامج أو ذاك من جديد، ما يجعل القائمين على أي نوع من البرامج يبحثون عن الجودة الترفيهية والأهداف والمضامين، ولاسيما أنهم يحملون رسائل سامية للمجتمع والأفراد تكون متميزة عن غيرها، حيث أن خلاصة معنى الترفيه هي إدخال السرورِ الى النفس والترويح عنها وتجديد نشاطها وبعث حيويتها، وكما يقال إن كل لعبٍ تترتب عليه فوائد ومصالح تفوق مفاسده فهو جد.
في الحقيقة ربما وُفق معد البرنامج بالفكرة، لكنه مع الأسف لم يوفق بالإعداد والتقديم، فمن حيث الإعداد، تكون الأسئلة بشكل دائم وفي معظم حلقات البرنامج عادية جداً، وغير محفزة، أي أنها لا تترك مجالاً للضيف بأن يجيب بأكثر من نعم أو لا، وعندما يتطلب الأمر الإجابة بكلمة نعم أو لا، نرى أن الإجابة بحاجة لمزيد من الشرح، فلا يعقل أن تسأل فناناً عن آخر فيما إذا كان هذا الفنان هو أهم من هم في الوسط الفني وفي وجوده وعلى الهواء، لأن الجواب حكماً سيكون خاطئاً مهما تمتع ذلك النجم بخصوصية في عمله، ويمكن أن يكون من الأشخاص المهمين، لا أهمهم وهذا بالطبع ما حصل عندما استضاف الفنانتين المعروفتين مها وسلمى المصري، أو ماذا يعني الحب بكلمة واحدة ويضطر الضيف للشرح والاستطالة متجاوزاً شروط البرنامج، وغير ذلك من الأسئلة التي تضع الشخص أمام خيار الحياة أو الموت سواء له أو لغيره، كسؤاله إحدى ضيفاته عن قبولها بالزواج أو بعلاقة حب وقد وضع رأسه تحت المقصلة طالباً الموت أو العلاقة.
وبالنسبة للتقديم فقد يحاول الزميل مقدم الحلقة أن يعطي كل ما لديه لإنجاح الحلقة، لكن في الغالب كانت شخصيات الضيوف تغطي على المذيع، بالطبع لا ذنب له في ذلك ربما لأن الزميل مقدم الحلقة لم يعرف بعد أو يتميز سابقاً ببرنامج مشابه يجعله شريكاً أساسياً في الحلقة، حتى يبدو لنا الأمر وكأن الضيوف هم من يديرون الحلقة بأنفسهم، حيث يقتصر دوره على طرح الأسئلة ورمي أوراق اللعبة، أما الضوء فهو مسلط دائماً على هؤلاء الضيوف، لنتساءل كم هي البرامج التي نتابعها لأن فلان من المذيعين يقوم بتقديمها دون أن نعير اهتماماً لما سيقدمه، بالطبع ذلك في البداية، وذلك فضلاً عن هدوئه، حيث بات الهدوء في أيامنا هذه صفة سلبية.
الأمر الآخر وهو اتفاق الضيوف المدعوين للمشاركة في البرنامج وذلك بالطبع يفقده الحماس وعنصر المفاجأة، والتعرف على العوالم الحقيقية للمشارك، ولاسيما أن آلية وخطوات وبرنامج البرنامج ونموذج الأسئلة أصبحت معروفة ومن الممكن أن يتفق الضيوف على صيغة معينة للأجوبة وبالتالي يفقد البرنامج أحد أهم المقومات وهو الجديد الذي يمكن أن يقدمه للمشاهد، حيث من الممكن أن يفاجأ الضيوف بحضور بعضهم، مع مراعاة التقارب فيما بينهم وهذا يستطيع توفيره المعد من خلال معرفته بعوالم هؤلاء.
البرنامج ورغم هذه الملاحظات التي يمكن أن تبقى وجهات نظر وُّفق ببعض الأمور كتقديم نموذج للعمل الجماعي، في زمن يجنح فيه البعض إلى الإنجازات الفردية، قاطعين الطريق على إيجاد بيئة تنافسية، كذلك فسح المجال لتسليط الضوء على الأطروحات الترفيهية الراقية، والحرص على متابعتها، وإبعاد المشاهد عن البرامج الجدية التي باتت تؤرقه في ظل الأحداث التي نعيشها.