وعداً كان قد قطعه الرئيس أوباما على نفسه في محاولة لسعيه إلى نيل ولاية ثانية له في البيت الأبيض، غير أن هذا القرار أثار غضب خصومه الجمهوريين، مقابل التعبير عن الدعم، والارتياح في صفوف من يرون أن الوقت قد حان كي تنهي الولايات المتحدة حرباً وصفها أوباما نفسه ذات مرةبـ « الغبية».
لقد انخرط المسؤولون الأميركيون والعراقيون وعلى مدى أشهر في مفاوضات حول بنود اتفاق من كان سيبقي على عدد يقدر بالآلاف من الجنود الأميركيين في العراق في مهمة القيام بعمليات خاصة والعمل على تدريب القوات العراقية بعد نهاية العام الحالي.
لكن يبدو أن هذه المفاوضات فشلت في التوصل إلى أي وضع قانوني يوفر غطاء لهؤلاء الجنود للبقاء في العراق بعد الانسحاب الكامل للقوات المحتلة.
كان قول أوباما يوم الجمعة في البيت الأبيض:« إن بقية جنودنا في العراق ستعود إلى الوطن» مضيفاً أنهم « سيعودون إلى الوطن من أجل أعياد نهاية السنة» وقال أيضاً« بعد تسع سنوات تقريباً، ها هي حرب أميركا في العراق تضع أوزارها».
لا شك بأن رحيل القوات الأميركية يمكن أن يستغله بعض العاملين على تقسيم العراق والعراقيين بحجة عدم قدرة الحكومة العراقية على حفظ الأمن والحفاظ على الوحدة والاستقرار، والجدير بالذكر أن عدد القوات الأميركية في العراق الآن هو /39/ ألف جندي وهو عدد يقل بنحو 100 ألف جندي عن العدد الذي وجده الرئيس أوباما عند وصوله إلى البيت الأبيض.
لقدحاول الجمهوريون تحميل أوباما مسؤولية أي حالات من الصراعات الداخلية في العراق بعد الانسحاب قبل أن يصبح العراق مستعداً لحماية نفسه وهذا ما جاء على لسان الجمهوريين المتنافسين على الرئاسة القادمة في الولايات المتحدة العام المقبل.
ولكن النتيجة تتيح امكانية إنهاء التدخل العسكري الأميركي في العراق الذي كلف الاقتصاد الأميركي قرابة تريليون دولار وأكثر من /4400/ جندي أميركي ، وبهذا سيكون أوباما الذي تميز بموقفه الوسط الديمقراطي من خلال معارضته الواضحة لحرب العراق، سيكون قادراً على أن يقول للناخبين، في وقت يواجه فيه حملة صعبة لإعادة انتخابه ، إنه أشرف على النهاية الموعودة لحرب العراق.
وعلى الرغم من هم الناخبين الأول هو الحالة الاقتصادية المتردية وليس السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية إلا أن أوباما حاول أن يستغل ويبرز بعضاً من انجازاته في إنهاء الحرب المكلفة جداً للناخب الأميركي.
حاول أوباما أن يلفت إلى أنه سيقوم بعد الزيارة الأولى التي رخص لها في عديد القوات في أفغانستان، بسحب القوات من تلك الحرب التي بلغ عمرها عقداً من الزمن، مشيراً إلى مقتل بن لادن في أيار الماضي و« الخاتمة النهائية» للقذافي، وقال أوباما في هذا الإطار: « باختصار، إن الولايات المتحدة تتقدم إلى الأمام من موقع قوة»
بعض المسؤولين الأميركيين عبر بشكل واضح أن القوات العراقية أصبحت جاهزة وقادرة على ترسيخ الوحدة والاستقرار في العراق وفي هذا السياق، قال دينس ماكدونو، نائب مستشار الأمن القومي، للصحافيين: « إن التقييمات المتتالية لقوات الأمن العراقي التي ترد علينا، تشير إلى أن هؤلاء الشباب جاهزون وقادرون، وقد اثبتوا فعاليتهم».
يأتي إعلان أوباما بينما تنخرط تركيا في توجيه ضربات مضادة للأكراد في داخل العراق في المنطقة الشمالية شبه المستقلة، وهو العمل الذي يحظى بدعم الناتو والولايات المتحدة وهذا ما يؤكده المحامي العراقي المستقل محمود عثمان والذي ينحدر من نفس المنطقة الشمالية حيث يقول:« إن الأميركيين يساعدون تركيا في الاعتداء على شمال العراق» مضيفاً:« وبالتالي فربما يكون من الأفضل بالنسبة للعراقيين ألا توجد القوات الأميركية هناك في المنطقة».
كانت الإدارة الأميركية وفي غير مرة قد أكدت استعدادها لمواصلة مهام الدفاع والتدريب، والدفاع الجوي، والاستخبارات ومهمات خاصة مشتركة لمحاربة الإرهاب، وطيلة أشهر الصيف، كان البيت الأبيض يدعو العراقيين إلى وضع قائمة بالمهام التي يرغبون أن تواصلها القوات الأميركية.
وقال أوباما:« سنواصل المحادثات حول الكيفية التي يمكن أن نساعد بها العراق على تدريب وتجهيز قواته من جديد تماماً مثلما تقدم التدريب والمساعدة لبلدان حول العالم»
كم هو جميل هذا الكلام، في الوقت الذي يدعو فيه كافة الشرفاء والوطنيين في العراق إلى الانسحاب الفوري والشامل والكامل للقوات الغازية الأميركية من بلادهم بالإضافة إلى التعويض المادي لشعب العراق المقهور والمسلوب الإرادة والمسروق نفطه وثرواته وإرادته وكرامته.