فاختصت خادما يقال له طل من خدم الرشيد فكانت تراسله بالأشعار، فلم تره أياما، فمشت على ميزاب وحدثته، وقالت في ذلك:
لقد كان ما كلفته زمنا...
يا طل من وجد بكم يكفي
حتى أتيتك زائرا عجلا
أمشي على حتف إلى حتفي
فحلف عليها الرشيد ألا تكلم طلا، ولاتسميه باسمه، فضمنت له ذلك، واستمع إليها يوما وهي تدرس آخر سورة البقرة، حتى بلغت إلى قوله عز وجل: (فإن لم يصبها وابل) فطل، وأرادت أن تقول فقالت فإن لم يصبها وابل فالذي نهى عنه أمير المؤمنين فدخل يقبل رأسها وقال وهبت لك طلا، ولا أمنعك بعد هذا من شيء تريدينه.
.. وذكر صاحب (العقد الفريد) في الجزء الأول أن زياد شاور رجلا من ثِقاته في امرأة يتزوَّجها فقال:
لا خير لك فيها فإني رأيتُ رجلاً يُقبِّلها فتركه وخالَفه إليها وتزوَّجها.
فلما بلغ زياداً أرسل إليه وقال له:
أما قلتَ رأيتَ رجلاً يُقبِّلها قال: نعم رأيتُ أباها يقبلها.